مَقْبَرَةُ الغُزَاةِ، وَمَهْلَكَةُ الطُّغَاةِ
عبد الإله عبد القادر الجنيد
لقد ظَنَّ المُعْتَوهُ تْرَامِبُ – كَمَا ظَنَّ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْ قَبْلِهِ – أَنَّ اليَمَنَ فَرِيسَةٌ سَهْلَةٌ، بِإِمْكَانِهِ فَرْضُ هَيْمَنَتِهِ عَلَيْهَا بِمَا يَمْلِكُ مِنْ قُوَّةٍ عَسْكَرِيَّةٍ بَحْرِيَّةٍ وَجَوِّيَّةٍ، مُزَوَّدَةٍ بِأَحْدَثِ وَسَائِلِ التِّكْنُولُوجْيَا الأَكْثَرِ تَفَوُّقًا وَقُدْرَةً عَلَى تَحْقِيقِ أَهْدَافِهَا وَالإِلْحَاقِ الهَزَائِمِ بِخُصُومِهَا، مُعْتَمِدًا عَلَى مَاكِينَتِهِ الإِعْلَامِيَّةِ الَّتِي يَسْتَعِينُ بِهَا لِنَشْرِ حَالَةٍ مِنَ الذُّعْرِ وَالخَوْفِ وَالهَلَعِ فِي أَسَاطِيلِ الشُّعُوبِ لِأَيِّ بَلَدٍ مُسْتَهْدَفٍ.
فَضْلًا عَنْ طَابُورِ النِّفَاقِ وَالعَمَالَةِ الطَّوِيلِ الَّذِي يَسْتَعِينُ بِهِ وَيُجَنِّدُهُ لِغَزْوِ البُلْدَانِ.
وَكَذَلِكَ أَصْبَحَ الشَّيْطَانُ الأَمْرِيكِيُّ (القُوَّةُ العُظْمَى فِي العَالَمِ) الَّتِي تَرْتَعِدُ مِنْهَا فَرَائِصُ خُصُومِهَا، حَتَّى رَأَوْا مِنْهَا إِلَهًا مِنْ دُونِ اللهِ! وَقُوَّةً يَخْشَاهَا العَالَمُ، وَفِي مُقَدِّمَتِهِمُ المُسْلِمُونَ – أَشَدَّ خَشْيَةً مِنَ اللهِ! كَأَنَّهَا أَقْوَى أَوْ أَكْبَرُ مِنَ اللهِ! مَلِكِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ، القَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَكُلُّ مَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ ضَعِيفٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ.
فَلَمَّا صَارَتْ أَمْرِيكَا فِي نُفُوسِ عِبَادِ اللهِ أَكْبَرَ وَأَقْوَى وَأَقْدَرَ مِنَ اللهِ، دَانَ لَهَا العَالَمُ بِالخُضُوعِ وَالرُّضُوخِ لِإِرَادَتِهِ بِهَوَانٍ وَذُلٍّ وَاسْتِسْلَامٍ.
وَحِينَئِذٍ سَوَّلَتْ لِفِرْعَوْنَ الزَّمَانِ نَفْسَهُ مَنْحَ الكِيَانِ الصِّهْيَوْنِيِّ الغَاصِبِ الضَّوْءَ الأَخْضَرَ لِإِبَادَةِ الشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ المَظْلُومِ فِي الضَّفَّةِ وَغَزَّةَ بِالحِصَارِ وَالقَتْلِ وَالتَّنَكِيلِ، وَتَدْمِيرِ البُنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ كَامِلَةً لِقِطَاعِ غَزَّةَ، وَكَافَّةِ الوَسَائِلِ الإِجْرَامِيَّةِ لِتَهْجِيرِ أَبْنَاءِ الشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ مِنْ مَوْطِنِهِمْ وَمَوْطِنِ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ، وَاحْتِلَالِ كَامِلِ الأَرْضِ الفِلَسْطِينِيَّةِ دُونَ أَيِّ وَازِعٍ أَوْ رَادِعٍ!
وَلَمْ يَكُنِ اليَمَنُ – الَّذِي ظَلَّ يُرَاقِبُ تَطَوُّرَاتِ المَشْهَدِ الفِلَسْطِينِيِّ وَمُؤَامَرَاتِ الأَعْدَاءِ وَمَخَطَّطَاتِهِمْ عَنْ كُثُبٍ بِقِيَادَتِهِ الثَّوْرِيَّةِ الرَّبَّانِيَّةِ الحَكِيمَةِ – بِمَنْأًى عَنِ الأَحْدَاثِ؛ لِيَقِفَ مُكَتَّفَ اليَدَيْنِ حِيَالَ مَا يَجْرِي عَلَى أَبْنَاءِ الشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ المُسْلِمِ العَرَبِيِّ العَزِيزِ، فَقَدَّمَ الدَّعْمَ وَالإِسْنَادَ، وَقَابَلَ الحِصَارَ بِالحِصَارِ، وَالقَصْفَ بِالقَصْفِ؛ اسْتِشْعَارًا لِلمَسْؤُولِيَّةِ الدِّينِيَّةِ وَالأَخْلَاقِيَّةِ وَالإِنْسَانِيَّةِ.
بَيْدَ أَنَّ العَدُوَّ الأَمْرِيكِيَّ المُتَغَطْرِسَ لَمْ يَرُقْ لَهُ الدَّعْمُ وَالإِسْنَادُ اليَمَنِيُّ، فَأَقْدَمَ عَلَى ارْتِكَابِ حَمَاقَتِهِ غَيْرِ المَحْسُوبَةِ بِالعُدْوَانِ الإِجْرَامِيِّ الآثِمِ عَلَى اليَمَنِ، وَاهِمًا أَنَّ بِإِمْكَانِهِ كَسْرَ الإِرَادَةِ اليَمَنِيَّةِ وَإِجْبَارَهُ عَلَى الخُضُوعِ وَالاسْتِسْلَامِ لِإِرَادَتِهِ بِذُلٍّ، فَيُسَارِعُ إِلَى العَوْدَةِ إِلَى بَيْتِ الطَّاعَةِ الصِّهْيَوْأَمْرِيكِيَّةِ! وَهَذَا هُوَ المُسْتَحِيلُ بِعَيْنِهِ.
وَيَبْدُو أَنَّ الأَحْمَقَ تْرَامِبَ – الجَاهِلَ بِمَاضِي وَحَاضِرِ اليَمَنِ – قَدْ غَرَّهُ مِحْوَرُ العَمَالَةِ وَالنِّفَاقِ وَالارْتِزَاقِ، وَسَاقَهُ القَدَرُ لِلْغَرَقِ فِي مُسْتَنْقَعِ اليَمَنِ، وَشَاءَتْ إِرَادَةُ اللهِ أَنْ تَمْضِيَ سُنَّتُهُ عَلَى الفِرْعَوْنِ الأَمْرِيكِيِّ بِنِهَايَتِهِ الحَتْمِيَّةِ غَرَقًا فِي البَحْرِ الأَحْمَرَ. نَاهِيكَ عَنْ أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ تَارِيخَ يَمَنَ الحِكْمَةِ وَالإِيمَانِ، وَيَمَنَ الأَنْصَارِ وَالفَاتِحِينَ، وَمَقْبَرَةِ الغُزَاةِ عَلَى مَدَى الدَّهْرِ، وَقَاهِرِ الطُّغَاةِ وَالجَبَابِرَةِ بِإِذْنِ اللهِ. ذَلِكَ أَنَّهُ شَعْبٌ مُتَمَسِّكٌ بِإِسْلَامِهِ الأَصِيلِ، وَالمَبَادِئِ، وَالقِيَمِ، وَالأَعْرَافِ، وَالعَادَاتِ، وَالتَّقَالِيدِ المُتَجَذِّرَةِ فِي أَعْمَاقِهِ، وَالنَّابِعَةِ مِنْ هَوِيَّتِهِ الإِيمَانِيَّةِ وَعُرُوبَتِهِ وَأَصَالَتِهِ، الَّتِي تُعَزِّزُ الإِخْوَةَ الإِيمَانِيَّةَ. وَكَمَا يَأْبَى الضَّيْمَ لِنَفْسِهِ، فَكَذَلِكَ يَأْبَاهُ لِإِخْوَتِهِ فِي الدِّينِ وَالعُرُوبَةِ؛ فَيُجِيرُ المَلْهُوفَ، وَيَنْصُرُ المَظْلُومَ، وَيَمُدُّ يَدَ المُعُونَةِ وَالدَّعْمِ وَالإِسْنَادِ لِلمُسْتَضْعَفِينَ بِكُلِّ مَا يَمْلِكُ مِنْ قُوَّةٍ وَإِمْكَانَاتٍ، جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ، مَهْمَا بَلَغَتْ حَجْمُ التَّضْحِيَاتِ الَّتِي هِيَ بِعَيْنِ اللهِ وَفِي سَبِيلِهِ، فِي إِطَارِ مَسْؤُولِيَّتِهِ الشَّرْعِيَّةِ الدِّينِيَّةِ وَالأَخْلَاقِيَّةِ وَالإِنْسَانِيَّةِ، الَّتِي سَيَقِفُ مَسْؤُولًا عَنْهَا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ، فَلَا يَخَافُ وَلَا يَخْضَى أَحَدًا سِوَاهُ، وَلَا يَنْحَنِي أَوْ يَرْكَعُ إِلَّا لِلَّهِ القَوِيِّ العَزِيزِ، مَلِكِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، قَاصِمِ الجَبَّارِينَ.
وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، بَادَرَ الشَّعْبُ اليَمَنِيُّ بِقِيَادَتِهِ الرَّبَّانِيَّةِ القُرْآنِيَّةِ الحَكِيمَةِ لِنُجْدَةِ الشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ فِي غَزَّةَ وَالضَّفَّةِ، وَتَقْدِيمِ الدَّعْمِ وَالعَوْنِ وَالإِسْنَادِ، وَمُقَابَلَةِ حِصَارِ غَزَّةَ بِحِصَارِ البَحْرِ، وَتَوْجِيهِ ضَرَبَاتٍ صَارُوخِيَّةٍ لِاسْتِهْدَافِ عُمْقِ الكِيَانِ فِي الأَرَاضِي المُحْتَلَّةِ؛ حَتَّى لَا يَسْتَفْرِدَ الكِيَانُ اليَهُودِيُّ الغَاصِبُ اللَّقِيطُ بِآنَاءِ الشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ مِنْ خِلَالِ حَرْبِ إِبَادَةٍ جَمَاعِيَّةٍ بِالتَّجْوِيعِ وَالتَّعْطِيشِ وَالقَتْلِ الجَمَاعِيِّ، بِارْتِكَابِ مَجَازِرَ وَمَذَابِحَ جَمَاعِيَّةٍ، وَالتَّهْجِيرِ القَسْرِيِّ، بِمُوَافَقَةٍ وَدَعْمٍ وَإِسْنَادٍ أَمْرِيكِيٍّ وَاضِحٍ، وَانْبِطَاحٍ وَتَمَاهٍ وَخِذْلَانٍ عَرَبِيٍّ فَاضِحٍ، وَصَمْتٍ عَالَمِيٍّ وَأُمَمِيٍّ غَيْرِ مَسْبُوقٍ.
وَحِيَالَ كُلِّ مَا يَجْرِي مِنْ طُغْيَانٍ وَصَمْتٍ وَخِذْلَانٍ اتِّجَاهَ القَضِيَّةِ الفِلَسْطِينِيَّةِ، وَنُصْرَةً لِمَظْلُومِيَّةِ الشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ، وَالحِيلُولَةِ دُونَ تَصْفِيَةِ القَضِيَّةِ المَرْكَزِيَّةِ لِلأُمَّةِ، كَانَ تَحَرُّكُ الشَّعْبِ اليَمَنِيِّ ضَرُورَةً دِينِيَّةً وَإِنْسَانِيَّةً وَأَخْلَاقِيَّةً، وَتَصْدِيقًا لِقَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ الكَرِيمِ:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [المائدة: 54].
*وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
زر الذهاب إلى الأعلى