الرئيسيةالمقالات

رؤية “اتحاد القبائل العراقية” نحو العهد الوطني والمحاسبة

رؤية “اتحاد القبائل العراقية” نحو العهد الوطني والمحاسبة

إعداد/ عدنان صگر الخليفه
رئيس إتحاد القبائل العراقية

​مقدمة البيان: الخيمة الجامعة واستئناف الدور المؤسِّس للوطن
​تأتي هذه الرؤية الجامعة من منطلق أن اتحاد القبائل العراقية هو الخيمة الموحِّدة التي تضم شيوخ وأمراء القبائل، وأن القرارات المطروحة هي إجماع العشائر على استئناف دورها التاريخي.
​إنطلاقاً من الميراث الوطني الراسخ، حيث كانت قبائل وعشائر العراق هي الركيزة والمؤسِّس لثورة العشرين المجيدة التي أرست دعائم الدولة العراقية الحديثة. هذا التأصيل يؤكد أن الشرعية الوطنية لحكم العراق نبعت أصلاً من الإرادة العشائرية والشعبية المنظَّمة. وعليه، فإن إدراكنا بأن العراق قد انحدر إلى منزلقٍ خطير جراء سياسات الأحزاب وتراخي المؤسسات، يدفعنا اليوم إلى تفعيل الثقل التاريخي كقوة ضامنة للوطن، عبر تأسيس أساس متين يمكن القانون من التماشي مع متطلبات حماية الوطن والمواطن.
​تأكيد علوّ المقام ورفض الخضوع السياسي
​يُقرُّ الاتحاد بأن مكانة شيخ العشيرة أو أمير القبيلة هي قيادة أبوية أصيلة لا تُكتسَب بالمال أو المنصب، بل تستمد قوتها من الضمير الحي. هذا الإقرار يؤكد أن مقام الشيخ أعلى وأجلّ من المنصب السياسي المكتسَب. وبناءً عليه، يرفض الشيوخ الخضوع لمبدأ التبعية للسياسي الذي يخضع لإمرة حزبه، ويُعلن الاتحاد أن القيادة العشائرية لن تضع نفسها في موقع القيادة التي يُنْتَقَصُ مِن مَقامِها أو تُستَغَلُّ نُفُوذُهَا من قبل أي مسؤول يجحد مصدر قيمته وهيبته.
​تفكيك التقسيمات الحزبية وتثبيت الوحدة العابرة للطوائف
​إن الأحزاب السياسية سعت إلى هندسة اجتماعية خبيثة تهدف إلى تدمير الواجب الوطني للعشائر عبر تقسيمها. يمثل الاتحاد جبهة موحَّدة لـ إعلان البراءة التامة من كل حزب أو كيان يسعى لشق صف العشيرة الواحدة، وتأكيد أن الولاء الأول والأعلى هو لوحدة الدم العراقي والأرض العراقية، وليس للأجندات الفئوية.
​ويُقَرُّ الاتحاد بأن هذا الموقف نابعٌ من حتمية وجودية، حيث إن القبائل العراقية الكبرى (من قبيل زبيد وربيعة وطي والمنتفق وكعب) هي النسيج العضوي للعراق، وتمتد فروع عشائرها من شماله لجنوبه، وتحوي في داخلها أبناء جميع المذاهب والطوائف. وعليه، فإن خطاب الوحدة الوطنية هو ضرورة بقاء وليس مجرد خيار سياسي.
​تفعيل سلطة “البراءة العشائرية” والردع الأخلاقي
​في ظل فشل القانون الذي وُضِع لحماية الفاسدين من أبناء الأحزاب، يصبح الردع الأخلاقي والاجتماعي هو القوة القاضية. يُفعِّل الاتحاد، بصيغته الجامعة، سلطة “سلاح البراءة العشائرية” كآلية تصحيحية أخلاقية. يتفق الشيوخ على أن كل مسؤول، مهما علا شأنه، يثبت فساده أو خدمته لأجندة حزبية ضيقة، يُجرَّد فورياً من غطاء الدعم العشائري. هذا القرار العلني هو إجماعٌ اجتماعي يُتخذ عبر الاتحاد، ليُعلَن علناً وموثَّقاً، مما يجعل المسؤول “لا شيء” ويسحب منه الشرعية الاجتماعية، مجبراً الأحزاب على التخلي عنه، وبذلك تتبوأ العشائر موقعها كـ رقيب أصيل على مقدّرات البلد.
​رفع الثقل القانوني وإلزام الدولة بمسؤوليتها السيادية
​يتفق شيوخ القبائل على رفع المسؤولية الكاملة عن العشائر في قضايا الجرائم الكبرى والفساد المالي والإداري، مُعلنين أن هذا المطلب هو إلزام للدولة بتحمّل واجبها الأصلي، وتمكين للقانون من العمل دون تذرُّع بالتدخلات الاجتماعية. يطالب الاتحاد بأن يقتصر دور العشيرة على الصلح الأبوي وحفظ القيم، مع اشتراط دعم قراراتها بآليات قضائية لتكون ملزمة وفاعلة.
​المحاسبة الداخلية ودعم الكفاءة الوطنية
​يؤكد الاتحاد على ضرورة وضع حد قاطع لـ “تحويل المسؤولية” من الدولة إلى العشائر. وعليه، يُعلن الشيوخ عدم التهاون في حماية الفاسدين من “أبناء العشيرة”، بل المبادرة إلى فضح فسادهم والتبرؤ منهم علناً للحفاظ على سمعة القبائل المحترمة. كما يُوجِّه الاتحاد إلى أن يكون دعم المرشحين في الانتخابات مبنياً على معيار الكفاءة والنزاهة والبرنامج الوطني، وليس على أساس القرابة أو التبعية.
​خلاصة الرؤية: تأسيس لمستقبل الدولة
​إن هذه الرؤية الجامعة هي نداء وطني وعهد أخلاقي يهدف إلى تأسيس أساس متين يمكن القانون من التماشي مع المجريات الحقيقية، عبر تجريد الفاسد من قوته الاجتماعية. هي خطوة حاسمة لإعادة توزيع الثقل ورفع الأعباء المجتمعية عن العشائر، لتوضع على عاتق الدولة التي يجب أن تعود لتحفظ الأمان والمقدّرات وتُعاقب الفساد والفاسدين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار