الرئيسيةالمقالات

لماذا أُرشّح لمجلس النواب العراقي.؟

لماذا أُرشّح لمجلس النواب العراقي.؟

البروفسور د . ضياء واجد المهندس
رئيس مجلس الخبراء العراقي

أترشّح لأنّ مجلس النواب الذي يفترض أن يكون منبراً للتشريع والرقابة تحوّل في واقعنا إلى مركزٍ لإدارة المصالح الحزبية والمشاريع المغلقة، وميدانٍ تتلاعب به شبكات الفساد التي تسرق حلم الناس بالإصلاح. هذا ليس مجرد إحساس عام، بل وضعٌ تتكشّف عوارضه في مؤشرات ملموسة: انهيار ثقة الجمهور، بطالة متصاعدة، اقتصاد معرّض لصدمات أسعار النفط، وارتباط كبير للإيرادات الحكومية بالنفط — كلُّها عوامل تُفقد المجلس دوره الرقابي وتحوّله إلى أداة لحماية المصالح الضيقة بدل حماية المصلحة العامة.

لِمَ هذا التشخيص؟

1. الفساد مزمن ومؤثّر — تقارير منظمة الشفافية الدوليّة تضع العراق عند درجة منخفضة في مؤشر إدراك الفساد (حاصل 26 من 100، والمرتبة 140 من 180 دولة)، وهو مؤشر واضح على عمق المشكلة في القطاع العام وعلى حاجة المجلس لأن يعيد بناء مؤسسات الشفافية والرقابة الحقيقية.

2. البطالة أزمة اجتماعية فعلية — معدل البطالة الرسمي يترجم إلى ضغوط اجتماعية واقتصادية هائلة؛ بيانات البنك الدولي تشير إلى معدل بطالة يقارب 15.5% في 2024، وهي نسبة تُنتج قلقاً اجتماعياً يمنع الاستقرار المطلوب لأي إصلاح حقيقي. وجود نواب لا يملكون رؤية تشغيلية أو لا يجرون رقابة على السياسات الاقتصادية يفاقم المشكلة.

3. اقتصاد رهين للنفط — أكثر من تسعين بالمئة من إيرادات الدولة تأتي من صادرات النفط؛ هذا يجعل ميزانية الدولة عرضة لتقلبات الأسعار والاتفاقات الدولية، ويحوّل إدارة المشاريع إلى ساحة تفاوض حزبيّ ومصالح خاصة تتحكّم بموارد الشعب بدلاً من تخصيصها لاحتياجات التنمية الحقيقية. الاعتماد الشديد على النفط يُضعِف الحافز لسياسات تنموية رشيدة ويُسهل اختزال الأداء البرلماني إلى تبادل مواقع ومغانم.

4. ميزانية ضخمة وصرف غير شفاف — الميزانية الوطنية الفعلية كبيرة (قُدِّرت 2024 بحوالي 211 تريليون دينار مع عجزٍ ملحوظ)، والإنفاق على الرواتب والدعم يصل إلى نسبٍ كبيرة من المصروفات، ما يترك مساحةً صغيرة للاستثمار المؤسسي والإنمائي، وفي بيئة كهذه تُسهّل الصفقات غير الشفافة والهيمنة الحزبية على المشاريع. وجود مجلس قوي وشفاف يمكنه فرض قواعد الإنفاق ومراجعة العقود سيحدّ من هذا الانزلاق.

5. مخاطر مالية وسياسية — تقارير مؤسسات دولية (مثل صندوق النقد) تُحذّر من هشاشة الحسابات العامة وحساسية العراق لصدمات أسعار النفط والضغوط المالية الناجمة عن التوسّع المالي، ما يتطلب رقابة برلمانية اقتصادية متخصصة لا تقوم بدورها حالياً.

ماذا أريد أن أغيّر من داخل المجلس؟

أترشّح لأنني أطالب بإصلاحات عملية وقابلة للقياس، لا شعارات فحسب. أهم نقاط برنامجي الرقابي والتشريعي:

1- شفافية الإنفاق والعقود العامة: إلزام كامل للعقود الحكومية بالنشر المفتوح (open contracting) وإحالة أي مشتريات كبرى إلى رقابة برلمانية مستقلة وعلنية.

2- لجنة برلمانية متخصصة بالميزانية والموارد: لجنة دائمة مع خبراء مستقلين وحق استدعاء وزراء ومحاسبين لتدقيق تنفيذ الميزانية وصرف الاعتمادات.

3- تقليل اعتماد الدولة على النفط: تشريعات تدعم تنمية مصادر إيرادات بديلة (ضرائب عادلة، تحفيز القطاع الخاص، دعم التصدير غير النفطي)، وخطط تشغيلية للحد من البطالة.

4- قوانين صارمة لمكافحة تضارب المصالح: منع تولّي أصحاب المصالح التجارية لمهام تنفيذية أو رقابية مرتبطة بصفقات ذات منفعة شخصية.

5-إصلاح مسار التوظيف العام: رقمنة وتحديث آليات التعيين لتقليل المحاصصة الحزبية واستحداث برامج توظيف بناءً على مهارات حقيقية.

6- آليات مساءلة فعّالة: قواعد تحصّن حقوق من يبلّغ عن الفساد، وتحويل ملفات الفساد إلى هيئات قضائية مستقلة بسرعة وشفافية.

رسالتي للمواطنين

إذا كان المجلس اليوم ميداناً لإدارة المصالح بدل خدمة الناس، فترشّحي ليس رفضاً للمؤسسة بحد ذاتها، بل محاولة لإعادة تشكيلها بما يخدم المواطن والعدالة والاقتصاد الوطني. أترشّح لأحول صوت الناس في الشارع إلى قوانين ومشاريع واضحة تُقاس نتائجها بالأرقام: خفض البطالة، زيادة الإنفاق الاستثماري الفعّال، ومؤشرات شفافية أعلى تُظهِر أن المال العام يُدار لحاجة الناس لا لمصالح قليلة.

الخاتمة

البرلمان ليس مكاناً للصور والخطب المدوية وحدها؛ هو صانع السياسات ومؤسسة الرقابة الأولى. إن لم نستطع إصلاحه من الداخل، فسنظلّ ندور في حلقة من الوعود الفارغة والفساد المتجذر. أترشّح لأضع خارطة طريق قابلة للتنفيذ، مبنية على الشفافية، والمسائلة، والتنمية الحقيقية — لأنّ حلم الإصلاح لا يمكن أن يُسرق دون مقاومة منظمة ومؤسسية.

البروفسور د . ضياء واجد المهندس
رئيس مجلس الخبراء العراقي
مرشح مستقل
قائمة البديل (250)
تسلسل 9

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار