الرئيسيةالمقالات

هل نعيش لحظة تحول تاريخي في الشرق الأوسط؟

هل نعيش لحظة تحول تاريخي في الشرق الأوسط؟

علاء الطائي

قراءة في انهيار النظام القديم وبزوغ فجر نظام إقليمي جديد

مدخل:
الشرق الأوسط اليوم يشبه غرفة مرايا تعكس فيها كل حركة صغيرة تحولات كبرى.. من اعتقال قيادي في العراق إلى خطاب مرعب في طهران ومن تصريحات واشنطن الغاضبة إلى صمت موسكو الواثق.. تبدو الأحداث متسارعة وغير مترابطة.. لكنها في الحقيقة تشكل لوحة واحدة لنظام إقليمي ينهار وآخر يولد في عنفوان الألم والصراع.

١- انهيار الهيمنة الأمريكية والنظام الليبرالي الدولي

الولايات المتحدة لم تعد “شرطي العالم” القديم.. بل أصبحت تلعب دور “المُحرض الاستراتيجي” انسحابها من العراق نحو كردستان ليس هروباً بل هو إعادة انتشار ذكية لخلق نقطة ضغط جديدة.. التخلي عن حلفاء مثل القيادي في “لاهور” رسالة مفادها.. “نحن مستعدون للتضحية بالقطع الصغيرة لربح اللعبة الكبرى” فشل قمة ألاسكا ليس فشلاً دبلوماسياً عادياً بل هو إعلان روسي–صيني بأن العالم لم يعد غربياً بالكامل.

٢- صعود التكتلات البديلة:
بريكس ونهاية القطبية الأحادية

نجاح قمة بريكس هو النقيض الكامل لفشل ألاسكا.. الصين وروسيا تدفعان نحو نظام مالي وسياسي بديل حيث يُتداول اليوان بدلاً من الدولار وتُحل النزاعات في منصات غير غربية
هذا التحول ليس اقتصادياً فقط بل هو انزياح جيوسياسي تاريخي سيعيد تعريف التحالفات في الشرق الأوسط.

٣- المنطقة كساحة صراع وكالة جديدة..
من العراق إلى لبنان

· العراق:
ساحة حرب بالوكالة بين واشنطن وطهران.. الاعتقالات والاغتيالات هي أدوات في حرب “الردع المحدود”.
· لبنان:
محاولة نزع سلاح حزب الله ليست سوى فصل من فصول الحرب نفسها.. الغرب يريد إضعاف إيران دون مواجهة مباشرة.. وإسرائيل تريد تفكيك التهديد الوجودي دون دفع ثمن باهظ.
· سوريا:
التقسيم أصبح واقعاً… الاتفاق السوري–الإسرائيلي المحتمل سيكون مبنيّاً على تقاسم النفوذ
روسيا تحافظ على وجودها وإسرائيل تضمن أمنها وتركيا تحصل على ماتريد.

٤- التهجير كاستراتيجية
غزة والمشروع الصهيوني الجديد

التهجير التدريجي لسكان غزة نحو سيناء قد يكون الورقة الأخيرة في صفقة القرن الوضع في غزة لم يعد إنسانياً أو سياسياً.. بل هو معادلة ديموغرافية تستخدمها إسرائيل لتحقيق أمنها الديموغرافي.. التزام واشنطن الصمت لأنها تدرك أن الحل الوحيد الباقي هو إخراج الفلسطينيين من المعادلة.

٥- تركيا:
العثمانية الجديدة على حافة الهاوية

أردوغان يمزج بين الإسلام السياسي والقومية الطورانية لخلق تحالف شعبي لكن الاقتصاد المنهار والتدخل في سوريا قد يكونان نقمة.. خطابه ضد السعودية ومصر محاولة لاستعداء “الآخر” وخلق عدو موحِّد لكنه يخاطر بعزلة إقليمية قد تدفع بلاده إلى الهاوية.

٦-إيران:
بين التصعيد والانهيار

خطاب السيد الخامنئي “تخزين المؤن” هو إما:

· استعداد لحرب محتملة.
· أو تحذير من انهيار اقتصادي
العقوبات الغربية لم تعد تعمل كأداة ضغط فحسب.. بل كسلاح إفقار ممنهج قد يفجر الداخل الإيراني.

سيناريو التحول التاريخي:
ثلاثة مسارات محتملة

1. السيناريو الأكثر ترجيحاً (50%). الاستقرار عبر الفوضى
استمرار التصعيد المحدود مع اتفاق خفي بين القوى الكبرى على إدارة الأزمات دون انفجار كلي. المنطقة تدخل عصراً من عدم الاستقرار المستقر حيث الحرب الباردة الجديدة هي السمة الغالبة.
2. السيناريو الثاني (30%). الانفجار الكبير
مواجهة عسكرية مباشرة بين إسرائيل وإيران أو حزب الله تدخل فيها الولايات المتحدة وروسيا بشكل غير مباشر مما يؤدي إلى إعادة رسم الخريطة خلال أشهر.
3. السيناريو الثالث (20%) الصفقة الكبرى
اتفاق أمريكي–إيراني مفاجئ يغير التحالفات الإقليمية حيث تتخلى طهران عن جزء من برنامجها الصاروخي مقابل رفع العقوبات وتصبح لاعباً مقبولاً في النظام الإقليمي الجديد.

خاتمة:
التحول التاريخي قد يكون
هنا بالفعل

الشرق الأوسط يعيش لحظة تحول بالفعل لكنها ليست تحولاً واحداً بل سلسلة تحولات متداخلة.. النظام القديم القائم على الهيمنة الأمريكية المطلقة ووريث سايكس–بيكو ينهار ونظام جديد لم يتشكل بعد.. السؤال ليس هل نحن في لحظة تحول.. بل أي نوع من التحول سنشهد:
هل سيكون نظاماً أكثر استقراراً؟
أم أكثر دموية؟
الإجابة تكمن في كيف ستلعب القوى الإقليمية أوراقها في اللحظة المناسبة.
علاء الطائي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار