زيارة السامرائي: إشارة إيرانية لإعادة هندسة خارطة النفوذ السني
2/ايلول/2025
بقلم/عدنان صگر الخليفه
عندما استقبل رئيس تحالف “عزم”، مثنى السامرائي، وفدًا إيرانيًا رفيع المستوى، لم يكن الخبر مجرد لقاء دبلوماسي عابر. بالنسبة للمراقبين العارفين بتعقيدات المشهد السياسي العراقي، كانت هذه الزيارة رسالة واضحة ودقيقة، لا تقل أهمية عن أي بيان رسمي. إنها تشير إلى تحول استراتيجي في إدارة النفوذ الإيراني، يتجاوز البروتوكول إلى الدوافع الأعمق.
من المنطقي أن يتساءل المرء عن مغزى لقاء وفد رفيع المستوى بشخصية لا تشغل منصبًا سياديًا. الإجابة تكمن في أن الولاء للمصالح الذي اعتادت عليه إيران من بعض القوى السنية، لم يعد كافيًا. لقد أثبتت هذه القيادات، وإن كانت براغماتية في علاقاتها، أنها قد تميل أيضًا إلى محاور إقليمية أخرى. وهذا يختلف عن الولاء الأيديولوجي الأكثر ثباتًا الذي تتبناه فصائل أخرى.
لذا، فإن زيارة السامرائي ليست سوى جزء من مشروع أكبر يهدف إلى إعادة ترتيب الأوراق في الساحة السنية. إنها محاولة لإزاحة القيادات التي لم تعد تخدم المصالح المطلوبة، وإبراز نجوم جديدة يمكن التحكم في ولائها. هذا المشروع يتجاوز الزيارات البروتوكولية إلى العمل الميداني، كما شهدنا في تحركات بعض الفصائل المسلحة في مناطق مثل صلاح الدين والأنبار، والتي تهدف إلى تهيئة الأرض لاستقبال قيادات سياسية جديدة.
إن جوهر هذا المشروع هو إفراغ محافظة الأنبار من محتواها. الهدف ليس فقط إزالة القيادات القديمة، بل منع ظهور أي قيادة مستقلة تعمل لصالح المحافظة. هذا يتم من خلال استراتيجية مزدوجة: تقسيم النفوذ في المحافظة بين محورين، أحدهما يمثله قيادات يتم استقطابها من محور صلاح الدين، والآخر يمثله تيارات سياسية من محور النجف.
وهذا يقودنا إلى الاستنتاج الأعمق: هذا المشروع ليس مجرد صراع على النفوذ المحلي، بل هو مشروع استراتيجي إقليمي. بعد سقوط نظام بشار الأسد، قد تكون إيران قد خسرت ورقة ضغط ثمينة في سوريا. ولهذا، فإن تأمين السيطرة على محافظة الأنبار، وتأمين حدودها مع سوريا، يمنح إيران حائط صد جديدًا ونقطة ارتكاز بديلة لضمان استمرارية نفوذها في المنطقة، وتكون ورقة مساومة في أي مفاوضات أو صراعات مستقبلية.
زر الذهاب إلى الأعلى