التقاريرالرئيسية

من القاهرة إلى جوهر الأزمة: من يعرقل السلام في فلسطين حقًا؟

من القاهرة إلى جوهر الأزمة: من يعرقل السلام في فلسطين حقًا؟

بقلم/ عدنان صگر الخليفه 

​تحليل يكشف تضارب الأجندات العربية في القضية الفلسطينية
​شهدت القاهرة مؤخرًا لقاءً جديدًا يجمع مسؤولين من مصر وقطر مع فصائل فلسطينية، في محاولة لإيجاد سبيل لإنهاء الحرب في غزة. ورغم أهمية هذه اللقاءات، إلا أن تصريحات متضاربة كشفت عن طبقات أعمق للأزمة، حيث نأت حركة فتح بنفسها عن الحضور، بينما أشارت في الوقت ذاته إلى أن إسرائيل هي من تعرقل وقف إطلاق النار، لا حماس.
​هذا التناقض يضعنا أمام سؤال جوهري: هل الأزمة الفلسطينية مجرد صراع داخلي، أم أنها تتغذى على مصالح خارجية معقدة؟
​وراء الكواليس: الانقسام كأداة نفوذ
​لقد تجاوز الانقسام الفلسطيني منذ فترة طويلة كونه خلافًا داخليًا بسيطًا ليصبح أداة تستخدمها قوى إقليمية ودولية لتعزيز نفوذها. فغياب جبهة فلسطينية موحدة يضعف الموقف التفاوضي للفلسطينيين، ويمنح بعض الأطراف الفرصة للتدخل ودعم فصيل على حساب آخر، مما يضمن لها وجودًا وتأثيرًا مستمرًا في المشهد السياسي.
​إن الدعم السياسي والمالي الذي تقدمه بعض الدول العربية للفصائل، دون اشتراط وحدة الصف، لا يساهم فقط في إطالة أمد الانقسام، بل يجعله جزءًا أساسيًا من المعادلة السياسية التي تخدم أجندات هذه الدول على حساب القضية الوطنية الفلسطينية.
​المصالح المتضاربة: مصر والأردن في مواجهة الآخرين
​هنا يظهر تباين واضح في المواقف. فبينما تسعى بعض القوى العربية لإبقاء الانقسام الفلسطيني قائمًا لضمان نفوذها، هناك دول أخرى، مثل مصر والأردن، لديها مصلحة مباشرة في تحقيق الاستقرار.
​إن أمن مصر القومي مرتبط بشكل مباشر باستقرار حدودها مع قطاع غزة، وأي تصعيد يهدد أمنها الداخلي واستقرارها. والأمر ذاته ينطبق على الأردن، الذي تربطه بفلسطين روابط تاريخية وجغرافية. لذلك، فإن الجهود المصرية والأردنية في الوساطة غالبًا ما تكون مدفوعة برغبة حقيقية في إيجاد حلول دائمة.
​على النقيض من ذلك، فإن القوة الاقتصادية الهائلة لبعض الدول العربية الأخرى منحتها إحساسًا بأنها تستطيع فرض أجنداتها، متجاوزة بذلك القنوات الدبلوماسية التقليدية والأدوار التاريخية لدول مثل مصر. وهذا يضع الدولتين (مصر والأردن) في مواجهة محاولات لتقويض نفوذهما وتشويه سمعتهما، لأن دورهما في المصالحة يهدد بشكل مباشر المصالح التي تتغذى على استمرار الانقسام.
​الحل يكمن في ربط الدعم بالوحدة
​لذلك، أي مبادرة تهدف حقًا إلى إنهاء الصراع يجب أن تبدأ من الداخل العربي. الحل ليس فقط في جمع الفصائل الفلسطينية، بل في إرغام الدول الداعمة لها على اتخاذ موقف موحد.
​يجب على الدول التي لديها مصلحة حقيقية في السلام، مثل مصر والأردن، أن تتبنى الحوار تحت إشرافها الكامل، وأن تُعلن بشكل رسمي وعلني أن الدعم المالي والسياسي للفصائل سيكون مشروطًا بتحقيق الوحدة الوطنية.
​هذا الموقف الحاسم سيضع الفصائل أمام خيار لا مفر منه: إما الجلوس بجدية لإنهاء الانقسام، أو مواجهة فقدان دعمها الخارجي.
​خاتمة
​في النهاية، يبدو أن عدم وجود حلول للقضية الفلسطينية لا يقتصر على تعنت الاحتلال الإسرائيلي فحسب، بل يمتد إلى الأطراف العربية التي ساهمت، بشكل مباشر أو غير مباشر، في تغذية الانقسام. وما دامت هذه الدول لا تريد للقضية أن تنتهي بوفاق داخلي شامل، فإن أي مبادرة سلام ستبقى مجرد أداة إعلامية فارغة، لا تملك القدرة على تغيير الواقع على الأرض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار