الرئيسيةالمقالات

تبدّل المشهد العالمي: من التواطؤ إلى التصدّع رابعًا

تبدّل المشهد العالمي:
من التواطؤ إلى التصدّع
رابعًا

علاء الطائي

١- لم تكن غزة وحدها في هذا الزلزال بل كانت مرآة العالم كلّه ففي الوقت الذي انهالت فيه صواريخ الاحتلال على الأحياء والمدارس والمستشفيات انهارت معها أقنعة كثيرة في العواصم الكبرى الغرب الذي لطالما تشدّق بحقوق الإنسان و”القيم الليبرالية” وجدناه أول من صمت بل ودافع عن التوحّش ولكن تحت هذا الصمت تصدّع حقيقي أخذ في التشكل.

٢- بدأت الجامعات الأمريكية – معقل النخبة الفكرية والسياسية – تشهد احتجاجات متصاعدة كأنها تقول إن ما ينهار ليس فقط أخلاق الإدارة الأمريكية بل تماسك النموذج الأمريكي ذاته أوروبا التي تورطت في تبرير الإبادة بحجة “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” بدأت تتلقى رسائل داخلية صادمة من شعوبها المسلمة واليسارية ومن الشارع النقابي والطلابي الذي يخرج من تحت الرماد.

٣- إن ما كشفه طوفان الأقصى لا يقتصر على حدود فلسطين لقد أماط اللثام عن بنية النظام العالمي وفضح اكتمال مشهد انحطاطه الأخلاقي حيث يصبح الدم الفلسطيني ماءً ويُحاكم المظلوم على صموده بينما يُحتفى بالقاتل كضحية.

٤- وفي الجنوب العالمي من جنوب إفريقيا إلى أمريكا اللاتينية انطلقت أصوات تقرأ ما يجري في غزة كحلقة في مسلسل طويل من الاستعمار المتجدّد وكأن هذه الشعوب وجدت في دماء غزة ما يُعيد لها بوصلتها هذه ليست حربًا فقط على غزة بل على ذاكرة المستضعفين في كل مكان.

٥- في السابق كانت الحروب تنتهي بإعادة تعويم هيمنة القوة العالمية أما اليوم فقد تكون هذه الحرب بداية انكشاف وانهيار رمزي وقيمي للنظام الذي قاد العالم لعقود غزة لم تحطّم فقط هيبة الجيش الإسرائيلي بل أسقطت كثيرًا من أوهام الغرب عن نفسه من هنا فإن هذا التبدّل العميق هو جزء من “سنّة الانكشاف” حيث تظهر الحقائق على السطح بعد طول كتمان ليبدأ التاريخ صفحة جديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار