خيارات أمريكا في العراق: بين الدبلوماسية والنفوذ العسكري
بقلم/عدنان صگر الخليفه
في خضم التطورات الإقليمية المتسارعة، يُلقي ملف العراق بظلاله مجددًا على أجندة صناع القرار في واشنطن. وبينما تتركز الأنظار على احتمالية انتقال إدارة هذا الملف بشكل أكبر إلى البنتاغون، يبرز السؤال حول طبيعة الخيارات الأمريكية المتاحة، وما إذا كانت بغداد ستجد نفسها أمام معادلة جديدة عنوانها “الأمن أولاً”.
إن الإدارة الأمريكية، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، قد تدرس تغيير نهجها تجاه العراق. فبعد سنوات من التركيز على بناء المؤسسات الديمقراطية وتقديم المساعدات الإنسانية، قد تتجه السياسة الأمريكية نحو إعطاء أولوية قصوى للملف الأمني والعسكري. هذا التحول المحتمل ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج لعدة عوامل، أبرزها استمرار التوترات الأمنية في المنطقة، وتصاعد نفوذ بعض الجماعات المسلحة، بالإضافة إلى التحديات الجيوسياسية التي تفرضها المصالح الأمريكية.
إذا ما صحت الأنباء عن زيادة نفوذ البنتاغون، فإن ذلك قد يمهد الطريق لتعيين سفير أمريكي في بغداد بخلفية عسكرية أو أمنية، مما يعكس الأولوية الجديدة لواشنطن. ورغم أن القائم بالأعمال الحالي، ستيفن فاجن، هو دبلوماسي مخضرم وذو خبرة واسعة في شؤون المنطقة، إلا أن تعيين سفير دائم قد يجسد بشكل عملي التوجه الجديد. إن وجود شخصية بخلفية عسكرية في هذا المنصب سيعزز التنسيق المباشر مع القوات العراقية، وقد يسرّع من وتيرة اتخاذ القرارات المتعلقة بمكافحة الإرهاب وضمان استقرار المنطقة، لكنه في المقابل قد يضعف من الدور الدبلوماسي التقليدي للسفارة الأمريكية.
ومع ذلك، لا يمكن إغفال أن الكونغرس لا يزال يمتلك الكلمة الفصل في إقرار الميزانيات وتوجيه الدعم المالي للعراق. وهذا يعني أن أي تحول نحو الخيار العسكري لن يكون مطلقًا، بل سيظل مقيدًا بالاعتبارات السياسية والمالية.
في الختام، يبدو أن واشنطن تتجه نحو إعادة تقييم شاملة لسياستها في العراق. والخيارات المطروحة ليست مجرد تعديلات إجرائية، بل هي خيارات قد تعيد صياغة العلاقة بين البلدين وتؤثر بشكل مباشر على مستقبل الأمن والاستقرار في العراق. والسؤال الذي يبقى مطروحًا هو: هل ستستطيع بغداد التكيف مع هذه الأجندة الجديدة، أم أن الأزمة الدبلوماسية والأمنية ستزداد تعقيدًا؟
زر الذهاب إلى الأعلى