الرئيسيةالمقالات

تصريح “لا خطوط حمراء” الإيراني: رسالة ردع أم إقرار بتراجع النفوذ؟ (5 يوليو 2025)

تصريح “لا خطوط حمراء” الإيراني: رسالة ردع أم إقرار بتراجع النفوذ؟
(5 يوليو 2025)

بقلم/عدنان صگر الخليفه

في خضم التوتر المتصاعد بعد “حرب الاثني عشر يومًا” بين إسرائيل وإيران، والتي شهدت ضربات إسرائيلية دقيقة ومؤلمة كشفت عن هشاشة الردع الإيراني، خرج المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، رمضان شريف نائيني، بتصريح لافت لقناة الميادين حمل تهديدًا واضحًا: “إذا تكرر الهجوم، فلن تكون هناك أي خطوط حمراء بعد الآن”. هذا التصريح، الذي يهدف بوضوح إلى رفع معنويات المقاتلين المنهارة وإرسال رسالة ردع للخصوم، يثير تساؤلات حول طبيعة المواجهة السابقة ومستقبل الصراع في المنطقة.
يشير تصريح نائيني بوضوح إلى أن الهجمات السابقة، وتحديداً خلال “حرب الاثني عشر يومًا”، كانت محددة بـ”خطوط حمراء” لم يتمكن الإيرانيون من تجاوزها. هذا الاعتراف الضمني يفتح الباب أمام تفسيرين رئيسيين لطبيعة تلك القيود: قد تكون إيران قد فرضت على نفسها هذه القيود، سواء لتجنب تصعيد أوسع لا تخدم مصالحها، أو لتقييمها بأن الرد غير المقيد قد يؤدي إلى عواقب وخيمة لا تستطيع تحملها. في هذه الحالة، كان الرد الإيراني محسوبًا لتجنب حرب شاملة. أما الاحتمال الآخر، وهو الأرجح في نظر الكثيرين، فهو أن هذه “الخطوط الحمراء” فُرضت على إيران بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل. يمكن أن يكون ذلك عبر تهديدات مباشرة بعواقب وخيمة، أو ضغوط دولية، أو حتى استعراض للقوة العسكرية يهدف إلى ردع إيران عن أي تصعيد كبير. هذا التفسير يشير إلى أن إيران وجدت نفسها مقيدة في قدرتها على الرد، بغض النظر عن حجم الدمار الذي لحق بها.
بغض النظر عن مصدر هذه “الخطوط الحمراء” السابقة، فإن التهديد الحالي برفعها يواجه تحديًا كبيراً فيما يتعلق بمصداقيته. إذا كانت “حرب الاثني عشر يومًا” قد أظهرت أن إيران كانت مقيدة في ردودها رغم الضربات المؤلمة، فإن مجرد الإعلان عن عدم وجود قيود مستقبلية قد لا يكون كافيًا لإقناع الخصوم أو حتى الجمهور الداخلي. التحليلات تشير إلى أن هذا النوع من التصريحات، الموجه بالأساس “للاستهلاك المحلي”، يعكس “تخبط القيادة العسكرية في طهران” ومحاولة التغطية على “تآكل الثقة الداخلية” في قدرة النظام على حماية مراكزه الحيوية. فالفجوة بين التهديدات اللفظية والقدرة الفعلية على التنفيذ، بالإضافة إلى السوابق التي أظهرت ضبط النفس الإيراني في مواجهة التصعيد، قد تضعف من قوة هذا التهديد.
في الختام، يُظهر تصريح نائيني محاولة من إيران لإعادة تعريف قواعد الاشتباك في المنطقة وربما استعادة المبادرة. ولكن السؤال يبقى: هل هو تهديد جاد ينذر بتصعيد غير مسبوق في حال تكرار الهجمات، أم أنه مجرد محاولة أخيرة لردع الخصوم وتدعيم الموقف الداخلي في ظل واقع ميداني صعب؟ الأيام القادمة ستكشف ما إذا كانت “الخطوط الحمراء” قد زالت حقاً، أم أنها مجرد كلمات في لعبة ردع معقدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار