أيها العابرون في رحاب الذكرى
علاء الطائي
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها العابرون في رحاب الذكرى
تعالوا نرشف قليلاً من ندى روح طاهرة غُيبت مبكراً فكان غيابها
جرحاً في جسد الأمة لم يندمل.
إنها بضعة النبي الطاهرة فاطمة الزهراء التي فارقت الدنيا وهي
في ريعان الشباب لم تتجاوز
العشرين ربيعاً وكأن القدر
اختطفها سريعاً ليبقي سيرتها
شهاباً يضيء ولا ينطفئ.
أي لغز هذا؟!
غادرتنا ولم نعرف بالضبط
أين استقر جثمانها الطاهر
فأصبح قبرها مجهولاً
تناقلتها القلوب قبل الأماكن.
ويا للعجب!
حتى تاريخ رحيلها ظل
موضع اختلاف فصارت
ذكراها تتوزع على أيام
السنة كأن الأمة ترفض
أن تفارقها طوال العام.
إنها فاطمة التي سماها
أبوها “أم أبيها” فحملت
من الحنان ما يعجز الآباء
عن حمله وكانت للرسول
سنداً وأمّاً ورفيقة وهي
نفسها التي وقفت بكل شجاعة تخاطب قومها حين حُرِمت
ميراث أبيها فكان خطابها
آية في البلاغة والمنطق
تستشهد بالقرآن وتحتج
به وكلماتها كالسهام
المصيبة في الصميم.
وها هي اليوم تترك للأمة
إرثاً لا يفنى ذلك التسبيح
الذي علمه لها أبوها
فأصبحت كلماته حبل
الوصل بين العبد وربه
ينتهي به المصلون صلاتهم
فكأنما صوتها ما زال
يتردد في جنبات المساجد.
طويت يا فاطمة وأنت
غضة الشباب لكن ذكراك
بقيت كالشمس لا يحجبها
غيم كالروح التي تملأ الكون
أنساً وضياء رحلت جسداً
لكن معنى وجودك ما زال
يخفق في قلب الأمة يذكرنا
دوماً بأن الطهر لا يموت
وأن الحق وإن غيبته سيوف
الظلم فإن صوت العدالة
سيعلو في النهاية.
علاء الطائي
زر الذهاب إلى الأعلى