التقاريرالرئيسية

“النفاق الأميركي”: رواية جريئة؟ أم مزاعم بلا دليل موثق؟

“النفاق الأميركي”:
رواية جريئة؟ أم مزاعم بلا دليل موثق؟

بقلم :د.رعد هادي جبارة
الباحث في العلاقات الدولية والدبلوماسي السابق

📚 “النفاق الأميركي”:
اتهامات صادمة؟ أم سرد بلا وثائق معتبرةقضائياً؟
نشر مؤخرا في كثير من منصات التواصل الاجتماعي ملخّص لمحتويات كتاب بعنوان [النفاق الأميركي].
ولأن الإدارةالأميركية تعادي القضية الفلسطينية والعرب و ايران وتنحاز للكيان المحتل فقد استقطب اهتماماً وربما قبولاً من بعض المثقفين.ولاشك أن النظام الأميركي منافق وامبريالي،لكن هل ما ورد في الكتاب ينبغي التسليم به و قبول مايدعيه على علّاته،جملةً وتفصيلاً، دون تأمُّل وتفحّص، وكأنه آية منزلة؟أم لابد من إلقاء نظرة فاحصة على ما فيه لتمحيص مضمونه وتفكيك أدلته،بالتفصيل.
📌من هو المؤلف؟:
“عمران أدهم “هو رجل أعمال من أصل سوري. عاش لسنوات في الخارج (فرنسا و الولايات المتحدة). لديه نشاط اقتصادي كبير؛ يملك شركات مثل “الشركة الهندسية المتحدة للطاقة و المقاولات” في سوريا. اشترى امتياز مجلة “نورسود” الفرنسية، ما يدل على طموحات إعلامية واستثمارية كبيرة. وفي بعض المصادر يوصف بأنه كان “عميل استخبارات” لكن هذه ادعاءات وليس تأكيدًا قضائيًا موثوقًا.
📌الكتاب في ميزان النقد:
بادئ ذي بدء نقول:إن الكتاب يتضمن رواية سياسية – إعلامية لا توجد أي جهة قضائية أو تحقيق دولي أو مصادر مستقلة تدعمها.
فالقصة هذه مبنية على (ادعاءات شفهية
oral claims)
منسوبة لأسماء كبيرة، دون أي دليل مقبول قضائياً
(admissible claim )
وتتعارض تمامًا مع نتائج المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ( STL ) التي عملت لسنوات واعتمدت على أدلة تقنية دقيقة.
(Precise technical evidence)
هذه الرواية تشبه كتب نظرية المؤامرة التي تُنسَب عادةً إلى “مسؤولين سابقين” لكنها رواية مرسلة بلا إثباتات،وكاتبها فقط يزعم امتلاك أدلتها وهو فقط من يدعي دقتها.
وعند التقييم الموضوعي الكتاب نخرج بما يلي:

📌1) مصدر الرواية غير موثوق
الكتاب يعتمد على:
📝روايات منسوبة إلى “جون بيركنز”
📝وروايات منسوبة إلى “ديفيد وين”
📝إشارات إلى وثائق غير منشورة يحتفظ بها المؤلف
لكن الحقيقة أن:
🔹جون بيركنز ليس ضابطًا في الـCIA، ولم يكن يومًا مسؤولًا استخبارياً. هو مؤلف كتب شهيرة مثل Confessions of an Economic Hitman ويشتهر بطرح روايات مثيرة غير مدعومة بأدلة قوية.
🔹الشخصيات الأمنية الأخرى المذكورة لا توجد مصادر مستقلة تثبت مناصبها كما ورد في الكتاب.
🔹لم يُنشَر أي “وثائق” تثبت ادعاءات المؤلف ومزاعمه رغم خطورة الموضوع.
هذا يجعل الرواية غير قابلة للتحقق.

📌2) تعارض الرواية مع النتائج الرسمية للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان
قامت المحكمة الدولية STL بما يلي:
#استمعَت لآلاف الشهادات
#حللَت بيانات الاتصالات بدقة عالية
#عملَت مع فرق تقنية من دول عدّة
#ولقد أصدرت حكماً مفصّلاً في 2020
وخلصت إلى:
⭕تلبّس عناصر محسوبة على حزب الله بالمسؤولية عن العملية
⭕لا وجود لأي دليل ضدطرف خارجي غير لبناني[ايران،سوريا، الولايات المتحدة أو إسرائيل] باتفاق كل القضاة، بمن فيهم القضاة الدوليون المستقلون.
إذا كانت هناك “أقمار صناعية” وثّقت العملية كما يزعم الكتاب، فلماذا:
#لم تُقدَّم للمحكمة؟
#ولم يُسرب منها شيء خلال 20 سنة؟
#ولم يذكرها أي طرف دولي؟
#غياب أي دليل من طرف ثالث يجعل القصة غير قائمة.

📌3) علامات واضحة على الأسلوب “التآمري”
الرواية تتضمن عناصر تُستخدم عادةً لجعل القصة “تبدو حقيقية” منها:
🔹ذكر أسماء كبيرة: (بوش،شارون، رايس…)
🔹التحدث بثقة عن “اجتماعات سرية”
🔹الإشارة إلى “وثائق سأكشفها إذا لزم الأمر”
🔹استخدام جُمل مثل:
“لا تملك هذا السلاح سوى 3 دول”…
“أقمار صناعية صورت الحادث”…
“رفضوا إعطاء الصور لأسباب تقنية”…
هذا الأسلوب متكرر في كتب المؤامرات، وليس في التحقيقات القضائية الحقيقية.

📌4) لا يوجد أي دليل علمي أو جنائي على استخدام “صاروخ من البحر”
التحقيق الدولي درس:
💥نوع المتفجرات
💥زاوية الانفجار
💥الحفرة
💥الأشعة
💥الأدلة الميدانية
💥بقايا السيارة المفخخة
وخلص إلى هذه الأمور:
⭕الانفجار كان من سيارة شحن مفخخة بمادة RDX
⭕وليس صاروخًا أو سلاحًا غير تقليدي.
⭕النتائج العلمية منشورة بالتفصيل.

📌5) لماذا تنتشر مثل هذه الروايات؟
لأن اغتيال رفيق الحريري:
👈🏽حدث مفصلي سياسي معقد
👈🏽له آثار ضخمة على لبنان والمنطقة
وفي العادة،نجد أنه في الأحداث الكبرى، تنتشر دائمًا روايات بديلة:
🔹لأنها تشكك بالتحقيقات الرسمية
🔹لأنها تُرضي رغبات جماهير معينة
🔹لأنها تعتمد على الإثارة والعاطفة
لكن غياب الأدلة يجعلها سردًا سياسيًا لا أكثر.

📌الخلاصة:
الرواية التي ينقلها الكتاب:
🔹غير موثوقة
🔹لا تستند إلى أي دليل قضائي موثق منشور قابل للإعتماد
🔹تتناقض مع تحقيق دولي مستقل دام 15 سنة
🔹تستخدم أسلوب المؤامرة بدل الأدلة
🔹وتنسب أقوالًا لأشخاص معروفين بكتابات غير موثّقة
🔹يمكن قراءتها كعمل سياسي أو أدبي، لكنها ليست مصدرًا للحقيقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار