مجتمع يتفكك بهدوء… والحكومة تنظر من الشباك..
البروفسور د.ضياء واجد المهندس
رئيس مجلس الخبراء العراقي
في العراق، لا تحتاج إلى تقارير أممية لتكتشف أن المجتمع يتآكل من الداخل، كل ما عليك فعله هو أن تفتح نافذتك، أو تمرّ بجانب مستشفى، أو تسمع صرخة أرملة في محكمة، أو تشاهد منشورًا جديدًا على “فيسبوك” يوثق مأساة جديدة.
الأسرة العراقية لم تعد كما كانت؛ الطلاق يُنجز أسرع من استلام معاملة رسمية، والأرامل في ازدياد حتى صارت القهوة والمآتم توأمين لا يفترقان.
الأيتام؟ يتكاثرون بلا مؤسسات تحتويهم، ولا دولة تكفكف دموعهم، بل يُتركون في مهبّ الحاجة والعوز.
في الأحياء الفقيرة، تقف بيوت التجاوز كأنها تذكّرنا بأن العدالة السكنية هي مجرد مصطلح في الكتب. أما الإيجارات فتصعد كل شهر، وكأن المستأجر يعيش في دبي لا في بغداد.
المتقاعد؟ يطارد الدواء كما لو كان كنزًا ضائعًا، أما المسن، فبين فقرٍ، ومرض، وانقطاع راتب، يجد نفسه وحيدًا ينتظر “الفرج” من قناة “الرشيد” لا من وزارة الصحة.
وعلى الطرقات، كل شيء يُشكّل خطرًا:
الحفر أوسع من جيب المواطن،
والسرعة الجنونية صارت هواية وطنية،
والكهرباء تارة تصعق، وتارة تنقطع، لكنها لا تنير الطريق أبدًا.
الماء؟ يغرق الناس في الشتاء لأنه لا توجد شبكات تصريف، ويُقتلهم العطش في الصيف رغم أن دجلة والفرات يمران من أمامهم وكأنهما نهران أجنبيان لا يعرفان أهل الدار.
الرمي العشوائي؟ طقس عشائري، يُمارس في الأعراس، والخلافات، وحتى في “التفاهمات”، والسلاح بيد الجميع ما عدا الدولة.
ومع كل هذا، تكتفي الدولة بدور المتفرج الذي يراقب الشاشة، يهزّ رأسه، ثم يطلب تشكيل “لجنة” من 15 عضواً لكتابة “تقرير أولي” حول أسباب الحفرة في شارع ما.
مقترحات (غير رسمية) لحكومة تنتظر حلول السماء:
استراتيجية وطنية لصيانة الأسرة: تبدأ بإصلاح السياسات لا المواعظ، وتوفير دخل كريم لا شعارات عن “أهمية الترابط العائلي”.
خطة إسكانية واقعية: لأن البيت ليس حلمًا، بل حقًا يكفله الدستور… ولو كان أحد يقرأه أصلًا.
إطلاق هيئة “الوقاية من الموت العشوائي”: تتعامل مع الطرق، والأسلاك المكشوفة، والمولدات، والجسور غير المؤمّنة، وكل ما يُقتل به المواطن “بشكل عرضي”.
تسليح الدولة لا العشيرة: لأنه لا يُعقل أن تكون الدولة “ضيف شرف” في معركة بندقيتين.
مراجعة إعلامية لما يُنشر: لا لمنع حرية التعبير، بل لتسجيل المآسي رسميًا بدل أن تظل مجرد “بوست حزين” في الفيسبوك.
وأخيرًا… إنشاء وزارة بعنوان “وزارة المجتمع المفكك”: على الأقل نُعترف بالمشكلة قبل أن نُفكر في حلها.
البروفسور د.ضياء واجد المهندس
رئيس مجلس الخبراء العراقي
مرشح مستقل
قائمة البديل(250)
تسلسل 9
زر الذهاب إلى الأعلى