التقاريرالرئيسية

الوَلَاءُ قَبْلَ الوَطَنِ: حِينَما يُصْنَعُ رَئِيسُ وُزَرَاءِ العِرَاقِ فِي العَوَاصِمِ الخَارِجِيَّةِ!

الوَلَاءُ قَبْلَ الوَطَنِ: حِينَما يُصْنَعُ رَئِيسُ وُزَرَاءِ العِرَاقِ فِي العَوَاصِمِ الخَارِجِيَّةِ!

بقلم/عدنان صگر الخليفه

​إِنَّ المَشْهَدَ السِيَاسِيَّ الَّذِي يَسْبِقُ اخْتِيَارَ رَئِيسٍ جَدِيدٍ لِمَجْلِسِ الوُزَرَاءِ فِي العِرَاقِ لَمْ يَعُدْ مُجَرَّدَ عَمَلِيَّةِ تَفَاوُضٍ دَاخِلِيَّةٍ بَيْنَ الكُتَلِ، بَلْ تَحَوَّلَ إِلَى سِبَاقٍ مَارَاثُونِيٍّ نَحْوَ إِرْضَاءِ وَإِظْهَارِ الوَلَاءِ لِلْقُوَى الإِقْلِيمِيَّةِ وَالدَّوْلِيَّةِ. لَقَدْ بَاتَتِ المُلَاحَظَةُ الجَوْهَرِيَّةُ الَّتِي تُثِيرُ القَلَقَ العَمِيقَ هِيَ أَنَّ الشَّخْصِيَّاتِ الطَّامِحَةَ لِقِيَادَةِ المَرْحَلَةِ القَادِمَةِ تَبْدَأُ مِشْوَارَهَا بِإِعْلَانِ وَلَائِهَا، لَيْسَ لِلشَّعْبِ العِرَاقِيِّ، بَلْ لِتِلْكَ الدُّوَلِ الَّتِي تَمْتَلِكُ “مَفَاتِيحَ” النُّفُوذِ فِي بَغْدَادَ، وَالَّتِي مِنَ المُمْكِنِ أَنْ تُسَاهِمَ فِي وَضْعِهَا عَلَى رَأْسِ المَسْؤُولِيَّةِ التَّنْفِيذِيَّةِ. هَذَا التَّحَرُّكُ المَكْشُوفُ يُمَثِّلُ دَلِيلًا دَامِغًا عَلَى أَزْمَةِ القَرَارِ السِيَادِيِّ العِرَاقِيِّ؛ فَفِي الوَقْتِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ تَكُونَ المَرْجِعِيَّةُ هِيَ الإِرَادَةَ الشَّعْبِيَّةَ وَالمُؤَسَّسَاتِ الدُّسْتُورِيَّةَ، نَجِدُ أَنَّ العَمَلِيَّةَ تُدَارُ بَعِيداً عَنِ الشَّارِعِ، فِي غُرَفٍ مُغْلَقَةٍ وَمَحَاوِرَ إِقْلِيمِيَّةٍ.
​إِنَّ غِيَابَ أَيِّ جِهَةِ تَرْشِيحٍ ذَهَبَتْ بِصِدْقٍ لِطَلَبِ مُوَافَقَةِ الشَّعْبِ العِرَاقِيِّ عَلَى بَرْنَامِجِهَا، أَوْ سَعَتْ لِكَسْبِ الثِّقَةِ الوَطَنِيَّةِ قَبْلَ الأَجْنَبِيَّةِ، يُؤَكِّدُ أَنَّ العَامِلَ الحَاسِمَ فِي الِاخْتِيَارِ لَمْ يَعُدِ الكَفَاءَةَ أَوِ القَبُولَ الشَّعْبِيَّ، بَلْ مَدَى تَقَاطُعِ المَصَالِحِ مَعَ الخَارِجِ وَقُدْرَةِ المُرَشَّحِ عَلَى حِفْظِ مَصَالِحِ “الدَّوْلَةِ الرَّاعِيَةِ”. هَذَا المَسَارُ يُشَكِّلُ إِجْحَافًا أَخْلَاقِيًّا وَسِيَاسِيًّا بِحَقِّ المَوَاطِنِ، الَّذِي يُطْلَبُ مِنْهُ لَاحِقًا الِالْتِزَامُ بِقَانُونِيَّةِ وَأَخْلَاقِيَّةِ نَتَائِجِ مَسَارٍ لَمْ يُشَارِكْ فِيهِ، بَلْ فُرِضَ عَلَيْهِ. إِنَّ الِاسْتِمْرَارَ فِي هَذَا النَّهْجِ هُوَ مُحَاوَلَةٌ مَكْشُوفَةٌ لِتَكْمِيمِ الإِرَادَةِ الوَطَنِيَّةِ وَكَبْحِهَا، وَجَرِّ العِرَاقِيِّينَ إِلَى طَرِيقٍ رَسَمَتْهُ الأَحْزَابُ المُتَنَفِّذَةُ الَّتِي تَرَى فِي الوَلَاءِ لِلْخَارِجِ ضَمَانَةً لِبَقَائِهَا.
​وَفِي خِضَمِّ هَذِهِ المَعْضَلَةِ، تَبْرُزُ قُوَّةُ المَوَاطِنِ العِرَاقِيِّ بِاعْتِبَارِهَا خَطَّ الدِّفَاعِ الأَخِيرِ وَمَرْجِعِيَّةَ الشَّرْعِيَّةِ الحَقِيقِيَّةِ؛ فَحَقُّ المَوَاطِنِ فِي المُشَارَكَةِ الفَعَّالَةِ فِي الِانْتِخَابَاتِ، أَوْ مُقَاطَعَتِهَا احْتِجَاجاً عَلَى هَذَا المَسَارِ المَفْرُوضِ، لَيْسَ مُجَرَّدَ خِيَارٍ، بَلْ هُوَ أَدَاةٌ فِعْلِيَّةٌ لِطَرْحِ نَفْسِهِ إِمَّا كَمُنْتِجٍ وَمُؤَمِّنٍ لِهَذِهِ الحُكُومَةِ، أَوْ كَرَافِضٍ يَسْحَبُ عَنْهَا الشَّرْعِيَّةَ المِثَالِيَّةَ وَالحَقِيقِيَّةَ. إِنَّ اسْتِعَادَةَ العِرَاقِ لِسِيَادَتِهِ لَا يَبْدَأُ إِلَّا بِتَحْرِيرِ قَرَارِ اخْتِيَارِ قِيَادَتِهِ، وَجَعْلِ المَوَاطِنِ العِرَاقِيِّ هُوَ المَصْدَرَ الأَوْحَدَ لِلْمَشْرُوعِيَّةِ، وَالمُقَرِّرَ الحَقِيقِيَّ لِمَصِيرِهِ. لَا يُمْكِنُ لِبَلَدٍ أَنْ يَنْهَضَ وَقِيَادَتُهُ تُصْنَعُ خَارِجَ حُدُودِهِ؛ فَـالقَرَارُ يَجِبُ أَنْ يَبْقَى عِرَاقِيًّا خَالِصًا، وَالمَصِيرُ مَرْهُونٌ بِإِرَادَةِ أَهْلِهِ وَلَيْسَ بِعَوَاصِمَ تَدْعَمُ وُجُودَ الأَحْزَابِ عَلَى حِسَابِ وُجُودِ الوَطَنِ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار