الرئيسيةالمقالات

التعليم… على ايقاع التنغيم…

التعليم… على ايقاع التنغيم…

البروفسور د.ضياء واجد المهندس
رئيس مجلس الخبراء العراقي

فضيحة منصة HEPIQ:
(شركة موسيقية تتولى التحول الرقمي في التعليم العالي )

في خطوة أثارت موجة من السخرية والاستغراب، أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق عن إطلاق منصة رقمية جديدة باسم HEPIQ، يفترض أن تكون أداة حديثة لإدارة الشؤون الأكاديمية والإدارية في الجامعات، ضمن مشروع التحول الرقمي في التعليم العالي.
لكنّ ما رُوِّج له كإنجاز تقني وطفرة رقمية تحوّل بسرعة إلى فضيحة مدوّية، بعد الكشف عن تفاصيل الشركة المطوّرة للتطبيق، وطبيعة نشاطها، والمبالغ المفروضة على الطلبة مقابل استخدامه.

💰 رسوم مفروضة على الطلبة

ألزمت الوزارة الطلبة بدفع (66 ألف دينار عراقي) للحصول على التطبيق، في وقت يعاني فيه آلاف الشباب من ضيق الحال وارتفاع تكاليف الدراسة والمعيشة.
ومع تزايد الشكاوى، بدأ البحث عن الشركة المنفذة، لتتكشّف المفاجأة.

🏢 شركة غريبة عن عالم التقنية

تُظهر السجلات الرسمية البريطانية أن الجهة المطوّرة للمنصة هي شركة ( ORANGEEY PRODUCTIONS LIMITED )، المسجّلة في (المملكة المتحدة) تحت الرقم 11985346، ومقرّها في ( Amba House, College Road, Harrow, England.)
ووفقاً للبيانات الرسمية، فإن طبيعة عمل الشركة هي الأنشطة الاستشارية الإدارية، لا تطوير البرمجيات ولا إدارة الأنظمة التعليمية.

يدير الشركة عقيل إبراهيم (محامٍ أردني مقيم في الأردن)، ويشاركه أحمد قيس حميد الطائي (رجل أعمال يحمل جنسية الدومينيكان). أما المالك المسيطر حالياً على 75% من أصول الشركة فهو مناف صبيح عبد القادر الشيخلي، رجل أعمال يقيم في الإمارات ويحمل أيضاً جنسية الدومينيكان، إلى جانب شريك سابق هو أمير نبيل صادق.

أي أن الشركة لا تمتّ بصلة إلى عالم التقنية، بل لا تملك أي خبرة في تطوير الأنظمة التعليمية أو التطبيقات الرقمية.

🎵 من الأغاني إلى بيانات الطلبة..

المفاجأة الأكبر كانت في موقع الشركة الرسمي orangeey.com، الذي يعلن بوضوح أن نشاطها الرئيس هو (إنتاج الموسيقى والفيديو كليبات والمونتاج الفني). أي أننا أمام شركة أغاني تم التعاقد معها لتطوير نظام أكاديمي لإدارة بيانات الطلبة في الجامعات العراقية!

فما علاقة شركة إنتاج موسيقي بملفات الطلبة، وجداولهم، وبياناتهم الشخصية؟؟؟؟؟!!وكيف سمحت وزارة التعليم العالي بأن تُسلّم هذه المعلومات الحساسة إلى جهة لا علاقة لها بالتقنية ولا بالتعليم؟؟؟؟؟؟؟!!!!!

⚠️ غياب الشفافية والمساءلة

القضية لم تعد مجرد خطأ إداري أو سوء تقدير فني، بل أصبحت قضية فساد محتملة تتعلق بسوء إدارة المال العام، وغياب المعايير المهنية في التعاقدات الحكومية، وتجاهل الكفاءات العراقية العاملة في مجال البرمجة والتقنيات الرقمية.

فالعراق يضم عشرات الشركات الناشئة ومئات المبرمجين المتميزين الذين حازوا جوائز عالمية في الذكاء الاصطناعي وأمن المعلومات، ومع ذلك تم تجاهلهم لصالح شركة إنتاج موسيقي مقرها دبي، يديرها محامٍ أردني، ويمتلكها رجال أعمال بجنسيات متعدّدة!

🧾 دعوة إلى تحقيق فوري

إن ما جرى يستدعي تحقيقاً عاجلاً وشفافاً من قبل هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية، مع تدخّل لجنة التعليم العالي في مجلس النواب لمعرفة:

كيف تم تمرير هذا العقد؟
ما المعايير التي تم اعتمادها لاختيار الشركة؟
وعلى أي أساس فُرضت رسوم( 66 ألف دينار) على الطلبة؟

فالتحول الرقمي لا يكون بفرض الجبايات ولا بمنح العقود لشركات بلا اختصاص، بل بتأسيس بيئة وطنية حقيقية للابتكار التقني، ودعم العقول العراقية القادرة على بناء نظم آمنة وشفافة.

💡 الخلاصة

التحول الرقمي في التعليم لا يُشترى من شركة أغاني،
بل يُبنى بعقول المهندسين العراقيين الذين يملكون القدرة على صُنع المستقبل الرقمي بكرامة وكفاءة.

البروفسور د.ضياء واجد المهندس
رئيس مجلس الخبراء العراقي
مرشح مستقل
قائمة البديل (250) تسلسل 9

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار