عندما تَسرِقُ الأفكارَ.. وتَخُونُ الأمانةَ!
علاء الطائي
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ”
بهذه الآية الكريمة التي تُزهِقُ نفوسَ الخائنين أبدأ كلمتي.. فالأمانةُ ليست مجرد وديعةٍ مادية بل هي الفكرُ والجهدُ والرؤى التي يبذلها المفكرون في ظلِّ وعدٍ كاذبٍ وعهدٍ منقوص.
لطالما علمتنا التجربة أن أقبح أنواع السرقة هي سرقة الأفكار وأمرَّ أنواع الخيانة هي خيانة الثقة الفكرية فما أسهل أن تتلقفَ النخبُ أفكارَ المخلصين ثم تَسرِقَها في وضح النهار وتُقدِّمَها للجمهور كمنتجٍ خاصٍ بها وكأنها ولدَتْ من رحم معاناتها وتفكيرها!
ها هم اليوم يتحدثون عن “مأسسة الإطار” و”تحوُّله الاستراتيجي” و”النظام الداخلي” وينسون – أو يتناسون – أن هذه المفاهيم وُلدَتْ في أروقة الحوار مع نخبٍ شيعيةٍ مستقلة ناقشتْ وطوَّرَتْ وقدمَتْ “الورقة الاستراتيجية” بتفانٍ وإخلاص.
أيها السادة.. لسنا نطلب منكم مالاً ولا منصباً ولكننا نطلب “أمانة الكلمة” و”نبل الإشارة” فحين تَتَلقَّفُوا فكرةً من هنا ورؤيةً من هناك فليكن لكم ذِكرٌ للعقول التي أنجبتها وإشارةٌ للأيادي التي صاغتها.
إن الأمة التي لا تحترم ملكية الفكر هي أمةٌ لن تنتج فكراً!
ويا للأسف.. فهذا ليس بجديد في مسيرة بعض من يمثلوننا! فمن المهجر إلى السلطة ظلَّ منهجُ “الاستيلاء الفكري” و”الانتحال النظري” سمةً تلاحق مسيرتهم يَتَلقَّفُونَ أفكار المخلصين ثم يغيِّبون أصحابها وكأنهم لم يكونوا!
ولكن اعلموا أن الفكرةَ الحقيقية كالشجرة الطيبة لا تزهر إلا بيد من غرسها ولا تثمر إلا في ظلِّ أمانة من يعتني بها أما من يقطفون ثمار غيرهم فإنهم سيقدمون للشعب ثماراً مُرَّة لا طعمَ لها ولا رائحة.
وختاماً أقول لهم بكلمات أحمد شوقي
إذا انتحلَ البُغَاثُ ريشَ الطواويسِ
يُخَيَّلُ للحَسادِ أنَّ البُغَاثَ هُوَ
فيُضحِي مُحيَّاً بغيرِ استحقاقٍ
ويُبعَدُ صاحبُ الريشِ الأصيلِ فيُباحُ
فلا تفرحوا بسرقة أفكار غيركم.. فالشعبَ أدرى بمنطق التاريخ أن الأفكارَ المسروقةَ تموت في أحضانِ منتحليها.. بينما تخلدُ في سجلِّ التاريخ مع أصحابها الحقيقيين.
علاء الطائي
زر الذهاب إلى الأعلى