الرئيسيةالمقالات

مسرح العبث— عندما تموت القيم وتُقتل العدالة على مذبح المصالح

مسرح العبث—
عندما تموت القيم وتُقتل العدالة على مذبح المصالح

علاء الطائي

مدخل –
صدمة المشهد

ما حدث ليس مجرد خبر عابر.. بل هو صفعة قاسية لكل من يظن أن العالم يسير وفق منطقٍ أخلاقي. المشهد الذي يجمع ” الجولاني “المصنف إرهابياً وأنه سفك الدماء مع ممثلي القوى العظمى في قاعات نيويورك الفاخرة.. ليس مجرد “تناقض دبلوماسي”.. بل هو إعلان صريح عن موت الضمير العالمي. إنه المشهد الذي تُذبح فيه القيم أمام الكاميرات.. بينما يقف العالم يتفرج.

اللعبة الكبرى-
من إرهابي إلى “شريك”!

ها هو الجولاني الذي طالما قدّمته آلة الإعلام الغربي كمصدر للرعب يتحول فجأة إلى “زعيم وطني” يُستقبل بطائرات خاصة خطابات متلفزة. نفس الشخص الذي كان بترايوس يطارده في العراق أصبح الآن مفتاحاً لمعادلات جيواستراتيجية جديدة. السؤال الذي يطرح نفسه-
هل تغير الجولاني؟
أم أن المعايير هي التي تغيرت؟
.الجواب ببساطة–
المعايير تُعاد كتابتها كل يوم لتناسب مصالح القوى الكبرى.. العدالة ليست سوى ورقة تُمسح بها أقدام المنتصرين.

.الازدواجية كمنهج–
عندما يصبح الإرهاب “مقبولاً” إذا خدم المصالح

الغرب الذي يرفع شعار “مكافحة الإرهاب” هو نفسه من يفتح أبوابه لقادة جماعات صنّفها عالمياً كمصدر للخطر.. الفرق بين “إرهابي” و”زعيم مقبول” هو فقط في خدمته للمصالح الأمريكية… هذا ليس انحيازاً أعمى بل هو استهانة صريحة بذكاء البشر وبدماء الضحايا.
كيف يمكن للعالم أن يصدق أن قيماً مثل العدالة والمساواة لا تزال حية؟ بينما تُغتال كل يوم في وضح النهار؟

.ترامب والعنجهية –
التفاهة كمنهج حكم

لا يمكن مناقشة هذه المهزلة دون التوقف عند شخصية مثل ترامب الذي حوّل السياسة إلى سيرك.. مشاهد وقوف رؤساء دول في طوابير انتظار لموكبه ليست سوى دليل على أن “القوة” تُستخدم ليس للقيادة.. بل للإذلال ترامب لم يكن استثناءً بل كان تجسيداً صارخاً لسياسة الغاب.
القوي يأكل – الأضعف يُؤكل.
ولكن الأكثر إيلاماً أن العالم لم يقف ضد هذه الإهانة.. بل استسلم لها. استسلم لأن الخوف من الغضب الأمريكي أقوى من الكرامة.

.العدالة المفقودة –
أين يذهب الإنسان في هذا العبث؟

عندما تُسحق القيم.. يتحول الإنسان إلى رقم في معادلة اقتصادية أو عسكرية.. الضحايا الذين سقطوا تحت رايات “مكافحة الإرهاب” يصبحون مجرد إحصاءات بينما من قتلهم يُكرّم في القمم الدولية.
العدالة لم تعد مبدأً.. بل سلعة تُباع وتُشترى في سوق المصالح. والشرائع واللوائح الوضعية؟
مجرد حبر على ورق طالما أن هناك من يملك القوة ليكتب القواعد كما يشاء.

. الخلاصة –
هل من أمل؟

ربما يكون الأمل الوحيد في أن يصحو الضمير الإنساني من سباته.. في أن ترفع الشعوب صوتها ضد هذه المهزلة.. في أن نرفض أن نكون كومبارس في مسرح العبث.
.لكن السؤال الأكثر إيلاماً-
هل ما زلنا نملك القدرة على الصمود أمام هذا الطوفان من النفاق؟
أم أننا أصبحنا جزءاً من المرض؟

كلمات ليست مجرد غضب.. بل هي صرخة في وجه عالم ينسى أن الإنسانية يجب أن تكون هي الأساس لا أن تكون ضحية على مذبح المصالح.

علاء الطائي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار