الرئيسيةعربي ودولي

السعودية بين طلبٍ وتحذير المقاومة تحليل للدور الإقليمي والاستراتيجي

السعودية بين طلبٍ وتحذير المقاومة
تحليل للدور الإقليمي والاستراتيجي٠

بقلم: طوفان الجنيد

مقدمة:
المملكة العربية السعودية إحدى الدول العربية الهامة في الشرق الأوسط، حباها الله ميزاتٍ خاصة جعلت منها ذات ثِقلٍ أساسي واستراتيجي على مستوى الوطن العربي والعالم.
الموقع الجيوسياسي والاستراتيجي:
تتوسط المملكة العربية السعودية موقعًا جيوسياسيًا في قلب الجزيرة العربية، وتطل على البحر الأحمر وقريبة من البحر العربي وطرق التجارة العالمية، ولها حدود جغرافية مع العديد من الدول العربية بمساحات واسعة.
الثقل الديني للمملكة السعودية:
تمتاز المملكة بمكانة دينية عظيمة لدى العرب والمسلمين، لاحتضانها المقدسات الإسلامية: الحرمين الشريفين. وتُعَدُّ أراضيها مهبط الرسالة المحمدية، وفيها قبلة المسلمين.

الثقل الاقتصادي للمملكة:
لقد أودع الله سبحانه وتعالى في أرض المملكة خيراتٍ عظيمة ومعادن نفيسة بكميات كبيرة، ففيها من الثروات النفطية والغازية ما يؤهلها للسيادة والريادة في حماية الدين وقيادة المسلمين.
صحيح أن هذه الميزات جعلتها محطّ أنظار العالمين الشرقي والغربي وهدفًا لأطماع القوى الاستعمارية، لكن النظام السعودي لم يستثمر هذه الميزات الاستخدام الصحيح، وآثر أن ينصاع للقوى الغربية ويسخّر كل المميزات والموارد في خدمتهم وتنفيذ أجنداتهم. ولهذا تختلف المملكة مع المقاومة ومحور المقاومة.
أسباب الدعوات والتحذيرات الموجَّهة إلى السعودية:
1- الثقل الإقليمي والدولي
كما أسلفنا، تمتلك السعودية تأثيرًا كبيرًا بسبب:
الثقل الاقتصادي: أكبر مصدر للنفط في العالم وقوة اقتصادية كبرى.
القيادة الدينية: مكانتها كحاضنة للحرمين الشريفين وقائدة للعالم الإسلامي.
الدبلوماسية النشطة: دورها المحوري في مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية، وتعد حلقة وصل بين المقاومة والعالم ومبادرات السلام الإقليمية.
2- المواقف السلبية من المقاومة والقضية الفلسطينية
على مرّ العقود، تماشت السياسة الخارجية للمملكة مع توجهات قوى الاستكبار والهيمنة: أمريكا وإسرائيل والدول الغربية، ومع المشاريع الاحتلالية في المنطقة.
فنجدها تعمل جاهدة على كبح جماح المقاومة التحررية، ومنها المقاومة الفلسطينية، بل وتُصنّف كل جبهة مقاومة على أنها إرهابية؛ سواء حماس أو حزب الله أو الحشد الشعبي العراقي أو أنصار الله في اليمن.
وتعادي كل من يعادي أمريكا وإسرائيل، وتخلّت عن كثير من القيم الدينية والإنسانية، إمّا بطريقة غير مباشرة من تحت الطاولة، أو بطريقة مباشرة كما فعلت مع قيادات حماس باعتقالهم وعدم الإفراج عنهم، أو بالدعم السخي الذي تقدمه للعدو الأمريكي والصهيوني، أو بما قامت به من شنّ حرب إجرامية على اليمن لعقود من الزمن وحتى اليوم خدمة لأعداء الأمة والإسلام والمسلمين.
ولهذا نسمع نداءات ومخاطبات للسعودية بأن تتقي الله في نفسها، وتعود إلى الحصن العربي والإسلامي.
نداءات حزب الله للسعودية:
دعا الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، السعودية إلى:
“فتح صفحة جديدة” مع المقاومة على أساس أن العدو المشترك هو إسرائيل لا المقاومة.
تجميد الخلافات السابقة وبناء جبهة موحدة لمواجهة التوسع الإسرائيلي.
محذِّرًا من أن الضغط على المقاومة يخدم مصالح إسرائيل فقط.
تحذيرات قيادة أنصار الله:
على لسان قائد الثورة وقائد معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي – سلام الله عليه – جاء في آخر خطاب له:
“جبهتنا البحرية ثابتة، ومستمرون في حظر الملاحة البحرية للعدو الصهيوني، ولن يستطيع أن يكسرها لا أمريكا ولا بريطانيا ولا أي أحد. إن محاولاتهم عبر أدواتهم في المنطقة، عبر اللقاءات والمؤتمرات، ستبوء بالفشل. وسنواجه أي أحد يحاول أن ينال منا ومن جبهتنا خدمةً للعدو الصهيوني، ونعتبره صهيونيًا بامتياز”.

العداء التاريخي مع إيران:
تنظر السعودية تقليديًا بعين القلق إلى النفوذ الإيراني ودعمه لحركات مثل حزب الله وحماس، وتعتبر ما تقوم به إيران من دعم للفلسطينيين والحركات التحررية عملًا إرهابيًا وفق توجهات القوى الشيطانية أعداء الإنسانية.
ومع ذلك، فإن التقارب السعودي–الإيراني الأخير بوساطة صينية قد يغيّر ديناميكيات العلاقة.
التطبيع مع إسرائيل:
تُعَدّ المملكة – وإن أنكرت – من عرّابي التطبيع مع العدو الصهيوني، وإن تظاهرت بأنها لن تطبع إلا بشرط إقامة الدولة الفلسطينية. لكن الحقائق والوقائع تشير إلى أن علاقاتها بالكيان الصهيوني على أحسن ما يكون.
الخلاصة:
إنّ السعودية مستهدفة بهذه النداءات والتحذيرات – كما قلنا آنفًا – نتيجة مكانتها الاستراتيجية وسياستها الخاطئة تجاه قضايا الأمة، وتخاذلها عن مواجهة ما يرتكبه العدو المجرم في غزة، وصمتها المعيب بل وتعاونها معه في شتى المجالات: الاقتصادية، والعسكرية، والأمنية، والإعلامية.
ويمثّل نفوذها القادر على تغيير المعادلات الإقليمية، وتحولاتها الداخلية، دوافعَ أساسية تجعلها أكثر قابلية للانفتاح على حوار مع قوى المقاومة، مع حاجتها إلى التوازن بين أولوياتها الاقتصادية والأمنية وضغوط الرأي العام الداخلي والدولي.
نسأل الله أن يهديها إلى رشدها، أو يزيلها ويزيل الكيان الصهيوني، ويفكّ عن الأمة شرورهما، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وهو على كل شيء قدير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار