قطر القمة – أم قمة قطر؟
علاء الطائي
بين بروتوكول الدبلوماسية ووجع الضمير
لم تكن قمة الدوحة القادمة سوى حلقة جديدة في مسلسل القمم العربية التي تبدأ بآمالٍ عريضة وتنتهي ببياناتٍ مُقعَدة.. تذرُّ الرماد في العيون وتُغلف الخيبة بالخطاب الدبلوماسي المُهذَّب. لكن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم هل نحن أمام “قمة قطر” التي تأخذ زمام المبادرة وتُحدث فرقاً؟
أم أننا أمام “قطر القمة” – أي أن القضية كلها مجرد استضافة “شكل بلا مضمون”؟
ما الذي يمكن توقعه؟
بيان يوزع الأدوار ولا يغير الوقائع
من المتوقع أن يحمل البيان الختامي للقمة إدانة “معتدلة” للعدوان الإسرائيلي مع إشارة إلى ضربات إيران على قاعدة عيديد والهجوم على دمشق الأخير كي يُظهر توازناً مزعوماً في الإدانة كما سيدعو – كالعادة – إلى “حل الدولتين” ويدعم دور قطر كوسيط لكنه سيتجاهل بحذر السؤال المحوري…
متى سيتحول هذا الدعم إلى ضغط حقيقي على الكيان المحتل؟
الملف اللبناني سيكون حاضراً وسيُذكر “احترام سيادة لبنان” للإشارة لحصر سلاح حزب الله لأن النظام العربي الرسمي لم يعد قادراً على المواجهة.. بل أصبح بارعاً في إدارة الصراع لا حله.
الخيانة في التفاصيل- بيع القضية بثمن بخس
عندما تُدان “العنف من جميع الأطراف” في بيان ختامي تُوضع الضحية والجلاد على نفس الكفة. وعندما يُذكر “حق فلسطين في الدولة” دون تحديد آلية زمنية واضحة أو ثمن للاحتلال تكون الصفقة قد تمت. العرب يبيعون القضية بثمن بخس لأن بعضهم أصبح شريكاً في “صفقة القرن” بمسميات أخرى.. والبعض الآخر يبحث عن ضمان بقائه في السلطة.
حتى التصريحات الأخيرة لأردوغان التي استهدفت مصر والسعودية قد يتم تداولها لكنها لن تظهر في البيان الرسمي، لأن النظام العربي يفضل “وحدة الموقف الظاهري” على مواجهة الخلافات الجوهرية.
لماذا قطر؟
لأنها تلاعبت ببراعة بين كل الأطراف
قطر بدهائها السياسي.. تقدم نفسها كوسيط لا كطرف فتحتفظ بعلاقات مع حماس وإيران وتركيا والغرب في آنٍ واحد.. هي تريد أن تقول للعالم. “أنظروا نحن من يستطيع الجمع بين المتناقضين” لكنها في الوقت نفسه تدرك أن لعبتها خطيرة وأنها قد تتحول من “قمة” يُحتذى بها إلى “قمة” تُنتقد بسبب توازنها الصعب.
بالمحصلة:
العرب بين “لاحقون” و”مطبعون” وداعمون”
العرب اليوم…
· لاحقون يجرون وراء المشاريع الدولية بلا إرادة ذاتية.
· مطبعون يبيعون القضية في سوق التطبيع مقابل حماية النظام.
· داعمون بالكلمات وبيانات الاستنكار التي لا تكلفهم شيئاً.
· متلقون لقرارات الآخرين.. بلا مبادرة ولا إستراتيجية.
القمة ليست “قمة قطر” بمعنى القمة التي تقود.. بل هي “قطر القمة” – أي أن القضية كلها أصبحت مجرد استضافة لفعالية دورية تكرس الوضع القائم ولا تغيره.
زر الذهاب إلى الأعلى