ضربة الدوحة والذكرى السنوية لاستشهاد السيد حسن نصر الله
محمد حسن زيد
11 سبتمبر 2025
رغم التطبيع والهدايا والتآمر على زعزعة استقرار الدول العربية وإسقاط ليبيا ثم سوريا جاءت ضربة الدوحة كأنها تذكير لما يُصطلح عليه بالـ”المحور السُّني” بالكارثة التي حلت بالأمة بعد استشهاد السيد حسن نصر الله وكيف اعتبر الكيان الصهيوني هذا الاستشهاد بمثابة إسقاط الدرع الأخير للأمة العربية أمام مشروعه فأعلن نتنياهو فور الاغتيال عن “الشرق الأوسط الجديد”، ثم أعلن وزير المالية الصهيوني سموتريتش عن إسرائيل الكبرى التي تضم أراضٍ من سوريا ولبنان ومصر والأردن والسعودية، ثم أعلن المبعوث الأمريكي الخاص توم باراك نهاية أغسطس 2025 أن إسرائيل لم تعد مهتمة بالالتزام بحدود الشرق الأوسط المحددة حاليا بموجب اتفاقية سايكس بيكو بمعنى انه قد بات يحق لها أن تضرب من تشاء أينما تشاء في عالمنا العربي!
بهذه الخطوات المتسارعة منذ استشهاد السيد حسن نصر الله في ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ ثم إسقاط الجيش العربي السوري في ٨ ديسمبر ٢٠٢٤ ساهم هؤلاء العملاء (أو الحمقى) بكشف ورقة التوت الأخيرة التي كانت تغطي عورة هذه الأمة وتقف في مواجهة هذا الكيان العنصري الدموي المتغطرس، لكن رغم ما يعيشونه اليوم من استباحة صهيونية ما زالوا يسعون جاهدين لاستكمال ما بدأوه دون رعاية لمصالحهم ولا لعروشهم ولا لشعوبهم ولا لمستقبلهم!
المنطق الذي يخضعون به لإسرائيل ويمدون يد السلام أو “الاستسلام غير المشروط” بحجة انها أقوى منهم لا ينسجم أبدا مع المنطق الذي يؤججون به الفتن الطائفية والحروب الداخلية في مجتمعنا العربي والتي يعلمون أن ضررها أكبر من ضرر أي حرب مع إسرائيل..
يدمرون الواقع العربي ويسعون بإصرار غريب لنزع سلاح المقاومة كما تحالفوا بعصبية ضد اليمن وضد إيران وضد الجيش العربي السوري وما زالوا يخوضون مختلف المعارك الإعلامية والسياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية ضد أبناء جلدتهم نيابة عن إسرائيل متذرعين بحجج طائفية وقومية ودينية وأحيانا اقتصادية ومعيشية ولسان حالهم ضد الصامدين والصابرين والمجاهدين: “أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ” يقول الحق سبحانه وتعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ” صدق الله العظيم
الأمور واضحة جدا واستباحة الدوحة رغم هداياها السخية وتطبيعها الماكر وفتح أراضيها للقواعد الأمريكية وتماهيها مع المشروع الصهيوني هو مؤشر على أن الخضوع لا يوفر الحصانة وأنه لا بد من تغيير الموقف سريعا قبل فوات الأوان إلا إن كانت الضربة بتنسيق معهم لأن الطائرات مرت بسلام من أجوائهم ودفاعاتهم ودفاعات حلفائهم، وفي هذه الحالة من المنطقي أن لا يشعروا بالخطر بل بالرضا، ومن الطبيعي حينئذ أن تبقى سياساتهم كما هي فلا تتغير!
لكن إذا كانوا قد شعروا بالغدر من الصهيوني وقرروا تغيير واقعهم الذليل فهم يعلمون جيدا بعد تطورات عام منذ استشهاد السيد حسن نصر الله أن من الخطأ إسقاط حزب الله ومحاصرته والدفع بلبنان إلى حرب أهلية من أجل نزع سلاحه كما أن من المفيد لهم جميعا صلابة اليمن والتعاون مع إيران بدلا من تسعير حرب مذهبية ضدهما، وأقولها واثقا لو أن العرب وفروا الغطاء السياسي العربي والمحلي لحزب الله لكان ذلك كافيا للجم الكيان الصهيوني فقد فرضوا بمؤامراتهم الطائفية على حزب الله الانشغال بحماية نفسه من طعناتهم المتكررة في ظهره إعلاميا وسياسيا واقتصاديا وأمنيا ومن قطع خطوط الإمداد عنه، ورغم الخرق الاستخباري الذي تعرض حزب الله له والضربات الموجعة التي أصابته لم تستطع إسرائيل أن تهزمه عسكريا، ولو استطاعت إسرائيل أن تهزمه عسكريا لما توقفت عن استئصاله سنة 2024 لكن الحزب أجبرها بضرباته النوعية الموجعة على وقف إطلاق النار، ثم لجأت إسرائيل إلى حلفائها العرب للقيام بالمهمة القذرة نيابة عنها حتى لو أدى ذلك لإشعال حرب أهلية تنتهي بها لبنان!
“وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً” صدق الله العظيم
لا مانع أن تعيشوا برفاهية وأن تشعروا بالسيادة الكاذبة على بلدانكم وان تحتضنوا المناسبات الرياضية والحفلات الصاخبة لكن من الجنون أن تُشعلوا فتيل الفتن الطائفية دون أن تصل الحرائق إلى داخل بيوتكم!
من الخيانة أن تسعوا جاهدين لنزع ما بقي للأمة من قوة خدمة لعدو لا يرعى معروفا ولا يرى حرمة وما قام إلا على أجساد إخوانكم المتفحمة وأعراضكم المدنسة وأرضكم المغصوبة ومقدساتكم المسلوبة!
هذا والله المستعان هو نعم المولى ونعم النصير
زر الذهاب إلى الأعلى