رمز الحرية، ورمز العبودية يُقصفان، وشتَّانَ ما بينهما!
عبدالواسع صايل الغولي
حقٌّ، عزةٌ، شموخٌ، رفعةٌ، كرامةٌ، إباءٌ، عنفوانٌ.. تُضادُّها: باطلٌ، ذلةٌ، هوانٌ، انحطاط، إهانة، دناءةٌ، ضعفٌ، تَخاذُلٌ، تباطؤٌ.
في الوقت الذي اتخذ الأحرار -شعبًا ودولةً- خيارَ الحريةِ، والمواجهةِ، والثباتِ، والصمودِ في وجه الباطل، ووقفوا موقفَ الحقِّ، الموقفَ المُشرِّفَ، قائلين: لا للذلة، ولا للخنوع، ولا للاستسلام، ولا لخيار العبودية، ولا للاستباحة لمقدسات الأُمَّــة وخيراتها، اتجه الشعبُ اليمنيُّ لتبني قضايا الأُمَّــة المحقة، وعلى رأسها «القضية الفلسطينية»، ولا سيما ما يحصل اليوم فيها من قتلٍ، وإجرام، وتجويعٍ، وإبادة جماعيةٍ. ابتعد اليمنُ عن البياناتِ، والإدانات، والاستنكاراتِ الباردةِ والجامدةِ والعديمةِ الجدوى والفائدة، واتجه ليُدين ويستنكر بطريقته الخَاصَّة: فإعلاناته واستنكاراته مصحوبةٌ بالبنادقِ والرصاصِ، بالصواريخِ والطائراتِ المسيرةِ، لتصل إدانتُه واستنكارُه إلى عمق وجود الكيان المؤقت، فتهزَّ كيانَه، وتزلزلَ كبرياءَه، وتجعلَه يتجهُ إلى الملاجئ خائفًا، هاربًا، مذعورًا، مكسورًا، محطمًا، مقهورًا، بل وفرض الحصارَ البحريَّ عليه، كما حاصر وجوع سكانَ «غزة»، وهكذا شكَّل حربًا اقتصاديةً عليه، فارتفعت الأسعار، وأفلست معظمُ الشركاتِ، فتشكلت الأزماتُ، وطاحت المخطّطاتُ.
ومن أجل هذا الموقف المشرف للشعب اليمني العظيم، قُصف وحُورب من قبل الصهاينة اليهود، والصهاينة العرب، وتخلى الجميعُ عنه!
ولكن في ذات السياق، نسمع ونرى دولًا تُقصف، وتُنتهك سيادتُها، وتُسلب حريتُها وقرارُها، وهي الداعمة السخية للعدو الصهيوني! فلم يُغنِ عنها ما أعطت، ولن ينفعها ما قدَّمت لهذا العدوّ. أنفقت الملياراتِ، والذهبَ، والترسانةَ العسكريةَ، عسى أن يرضى عنها عدوُّها! وهذا ما تجلى في دولة «قطر»، فبعد أن صرَّح زعيمُ كيان العدوّ نحو اتّجاههم بتغيير ما يسمونه “ملامح الشرق الأوسط” -التي تشمل عدة دول عربية وإسلامية- ها هي تُقصف قطرُ، بعد أن تلطخت بعار التطبيع والدعم للكيان المؤقت، عدوِّ الأُمَّــة.
وصدق حضرةُ الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه- حين قال:
«مفتاح أن يضربك عدوك هو من عندك أنت!»
وهذا ما برهنته آياتُ المولى عز وجل:
﴿وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ [البقرة: 120].
وها هو رمزُ الحرية والمجد والكرامة يُقصف، ورموزُ العمالةِ والطغيانِ والإجرام تُقصف، وهذا ما يبرهن للأُمَّـة أن الجميعَ مستهدفٌ، بلا استثناء. فمن الخسارة والخضوع والاستكانة أن تُضرب وتُقصف وأنت في غير الموقف المشرف -موقف الأحرار والشرفاء والعظماء- الذين اتجهوا لبناء واقعهم وأنفسهم، وعزموا على خيار الجهاد في سبيل الله تعالى، والتوكلِ والاعتماد والثقةِ به سبحانه وتعالى، فكان معهم ومؤيدهم وناصرهم، ولم يرضوا لأنفسهم أن يكونوا تحت الأقدام، أَو يكونوا أدَاة أَو قفازًا لهذا العدوّ.
وكما قلنا في مقال سابق: «مُصادقة العدوّ الصهيوني أخطر من مُعاداته!» وهذا ما يبرهن ويجلي ذلك. فعلى الأُمَّــة أن تفهم وتعي حجمَ الصراع مع هذا العدوّ الخبيث المجرم، الماكر الحقود.
زر الذهاب إلى الأعلى