*غزة.. مقبرة الغزاة ودرّة الشرق* ✨
❖════════════❖
✍️ بقلم د. أحلام محمد أبو السعود
سفيرة الإعلام العربي والباحثة في الشؤون الفلسطينية
🏛️ غزة عبر التاريخ: مدينة الخلود
غزة مدينة ضاربة جذورها في أعماق التاريخ، إذ يعود عمرها إلى أكثر من خمسة آلاف عام. لم تكن يومًا مدينة هامشية، بل كانت مركزًا حضاريًا وسياسيًا واقتصاديًا، يتناوب الغزاة على أبوابها، فيسقطون عند أعتابها، لتبقى هي خالدة في وجه الزمان. ولهذا لقبت عبر العصور بـ “مقبرة الغزاة”.
📜 أصل التسمية ومعانيها
🔹 “غزة” اسم قديم يعني العزّة والمنعة والقوة، وهو ما تجسد في تاريخها الطويل.
🔹 وعُرفت أيضًا بـ “غزة هاشم”، نسبةً إلى هاشم بن عبد مناف جدّ الرسول محمد ﷺ، الذي وافته المنية فيها أثناء رحلته التجارية إلى الشام، ودُفن في قلبها الطاهر.
🌍 موقع استراتيجي يلهب الأطماع
تقع غزة في الركن الجنوبي الغربي من فلسطين، على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، وتبلغ مساحتها نحو 365 كم².
🌐 موقعها الفريد جعلها ملتقى قارات العالم الثلاث: آسيا، إفريقيا وأوروبا. كانت عقدة مواصلات على طريق القوافل التجارية بين الشرق والغرب، ومحط أنظار القوى الكبرى عبر التاريخ. ومن هنا انطلقت الأطماع، ومن هنا ارتبطت بطولات المقاومة والصمود.
🌤️ مناخ معتدل وروح بحرية
تتمتع غزة بمناخٍ متوسطي معتدل، صيفها دافئ مشمس، وشتاؤها مطير رقيق. يهب نسيم البحر فينعش الروح، وتكسو خضرتها السهول المحيطة، مما جعلها عبر العصور مدينة زراعية وتجارية في آن واحد.
⛪🕌 آثار ومقدسات شاهدة على الحضارة
تزخر غزة بالآثار الدينية والتاريخية التي تحكي قصة أجيال متعاقبة:
🕌 جامع السيد هاشم: الذي يضم ضريح هاشم بن عبد مناف.
🕌 الجامع العمري الكبير: أقدم وأهم مساجد غزة، ومركز علمي وروحي عبر العصور.
🏰 قلعة برقوق: معلم تاريخي بناه السلطان المملوكي برقوق، لتكون حصنًا دفاعيًا شامخًا في وجه الغزاة.
⛪ كنيسة القديس برفيريوس: من أقدم الكنائس في العالم، شاهدة على التنوع الديني في المدينة.
🏺 آثار كنعانية، فينيقية، رومانية وبيزنطية، تتوزع بين أزقتها وبيوتها، تؤكد عمق جذورها.
🕌 مقامات أولياء وصحابة، مثل مقام الخضر ومقام الشيخ شعبان، جعلت منها منارات روحية وحضارية.
⚔️ غزة مقبرة الغزاة
من الفراعنة إلى الإغريق، ومن الرومان إلى الصليبيين، ومن المغول إلى الاحتلال الحديث… كانت غزة دائمًا السور المنيع الذي تتحطم عنده أطماع الغزاة. لم تعرف الخضوع، بل سطرت صفحات خالدة في المقاومة:
قاومت جيوش الإسكندر المقدوني.
واجهت الصليبيين حتى انكسروا على أبوابها.
ثارت ضد الاحتلال البريطاني.
ولا تزال حتى يومنا هذا، في مواجهة أعتى قوة احتلال معاصر، تثبت أن اسمها يعني القوة حقًا.
💣 الاحتلال الصهيوني وطمس التاريخ
لم يكتفِ الاحتلال الصهيوني باغتصاب الأرض، بل حاول أن يطمس هوية غزة وحضارتها:
دمّر المساجد والكنائس والبيوت العتيقة.
قصف المواقع الأثرية والمعالم التاريخية في الحرب المدمرة.
حاول محو الذاكرة الفلسطينية وسرقة التاريخ ونسبه زورًا إلى روايته الباطلة.
لكن، وبرغم الركام والدخان، تبقى غزة شاهدة على نفسها، تنفض غبار العدوان وتنهض من جديد، لأن تاريخها محفور في القلوب قبل أن يُكتب على الحجر.
🌟 غزة في الأدب والشعر
غزة لم تكن حاضرة في كتب التاريخ فحسب، بل أصبحت ملهمة للشعراء والكتاب، وميدانًا للأدب المقاوم:
أنشد فيها الشعراء العرب قصائد العزة والصمود.
كتب الأدباء الفلسطينيون عنها روايات الألم والأمل.
غدت رمزًا للأمة في أدب المقاومة، تُشبَّه بالأم الرؤوم، والبطلة الشهيدة، والمجد الذي لا ينحني.
لقد خلدها الأدب كما خلدها التاريخ، فصارت غزة أيقونةً لا تموت، وملهمةً للأجيال في كل أرض وميدان.
🕊️ أهل غزة… صمود يتحدى المستحيل
لم تكن غزة عظيمة بتاريخها فقط، بل بأبنائها الذين حملوا رايتها عبر العصور. هم أهل الكرامة والإباء، الذين صبروا على الحصار والعدوان، وجعلوا من بيوتهم المتواضعة قلاعًا للحرية.
💡 سرّ عظمتها يكمن في أهلها، فهم الامتداد الطبيعي لتاريخها العريق، والحصن البشري الذي يذود عنها، فيكتب فصول البطولة على مرّ الزمان.
🌹 رسالة إلى الأجيال
يا أبناء فلسطين والعروبة،
غزة ليست مجرد مدينة، إنها روح أمة وذاكرة حضارة، مدرسة في الصمود وملحمة في البطولة. كل حجر فيها يروي قصة مجد، وكل نخلة فيها تنحني لتشهد على دماء الأحرار.
فاحملوا اسمها في قلوبكم، واجعلوا من تاريخها منارة للأمل، ومن تضحياتها وقودًا للمستقبل. لتبقى غزة كما كانت دائمًا: بوابة فلسطين وعنوان كرامتها.
د. أحلام محمد أبو السعود /غزة /فلسطين 🇵🇸
زر الذهاب إلى الأعلى