ورغم الأسر:
تحدثت زينب بصوت يكسوه الوقار
علاء الطائي
كنتُ أمضي… لا جسدٌ يُحمل بل قلبٌ يَنزف… وكلُّ خطوةٍ في طريق الأسر كانت نصلًا جديدًا في خاصرتي.
لم أكن فقط أخت الحسين… كنت صدى صوته حين صمتت السيوف كنت الوشاح الأخير الذي لفّ كربلاء كي لا تضيع الحقيقة بين الرمال.
رأيتُ أحبّتي يُذبحون… كأن الموت أراد أن يعيد صياغة التأريخ… فاستأذن منّا الطهر ثم رحل.
لكنّي لم أُكسر… كنت أحتضن الأطفال كأنّي أحضن أمل الأمة… كنتُ أضم رقية وهي تئن في الليل… فأسمع أنينها كدعاءٍ يصعد كلّ يوم إلى السماء.
حين دخلت قصر يزيد… لم يكن العرش أعلى من صوتي… قلتها وقلبي يُكمل النبض مع كل كلمة
يايزيد “كِد كيدك.. واسعَ سعيك.. فوالله لا تمحو ذكرنا”
ارتجفت جدرانه.. ليس لأنني صاحبة قوة.. بل لأن الحق حين ينطق.. لا تُقاس كلماته بالعدد… بل بالأثر.
في الطريق… كنت أتكلّم في الخفاء إلى خيامٍ احترقت… كنت أستدعي أخي الحسين كلّ ليلة وأقول له
ها أنا أروي قصّتك يا حسين… في كل عينٍ… في كل قلبٍ.
وحين عاد الطريق إلى كربلاء… في الأربعين… شعرت بالأنفاس تتقاطع في قلبي… كأن الأرواح تحجّ إلى الحقيقة… لا إلى قبرٍ فحسب
كلّ من خطا نحونا… كان يقول لي في سره “لبيك يا زينب”…
فأرد عليه بدمعةٍ لا تراها العين “شكرًا لأنك لم تنسَ”
زر الذهاب إلى الأعلى