الرئيسيةعربي ودولي

فشل العدوان الأمريكي والصهيوني على إيران… نتج عنه فشل المشاريع الأمريكية والصهيونية في المنطقة

فشل العدوان الأمريكي والصهيوني على إيران… نتج عنه فشل المشاريع الأمريكية والصهيونية في المنطقة

يكتبها : محمد علي الحريشي 

تطرقنا في المقال السابق عن العلاقة بين تزايد الضغط الأمريكي على روسيا لوقف حربها على أوكرانيا، وبين فشل العدوان الأمريكي والصهيوني على إيران في شهر يونيو/حزيران الماضي، وعلاقة الضغط الأمريكي على روسيا لوقف تعاونها العسكري مع إيران، خاصة في جانب تزويدها بمنظومة دفاع جوي متطور وحديث.
في هذا المقال الذي هو مكمل للمقال السابق، سوف نتطرق إلى عدد من النتائج السياسية والعسكرية المترتبة على هزيمة وفشل العدوان الأمريكي على إيران.
كانت التوقعات الأمريكية والصهيونية والخليجية «السعودية والإمارات وقطر»، هي هزيمة نظام جمهورية إيران الإسلامية وتفكك وحدتها الجغرافيا، وخلق فوضى عارمة وإقتتال بين مكوناتها القومية والعرقية، وذلك أثناء وعقب العدوان العسكري الأمريكي والصهيوني العنيف والشامل على بنية الدولة الإيرانية، من مراكز قيادية ومنشاءات عسكرية ومدنية وإقتصادية، والقضاء على قيادات الصف الأول من رجال الدولة مدنين وعسكرين، وقصف مراكز وقواعد ومخازن الجيش الإيراني، وخلق حالة الصدمة والرعب وحالة الإرتباك الشديد، داخل صفوف القيادة والجيش والشعب الإيراني، وفي نفس الوقت تحريك الخلايا النائمة. والخلايا التجسسية، لتقوم بماهو مطلوب منها القيام به، من نشر للفوضى والسيطرة على عدد من المنشاءات الحكومية، وتنفيذ عمليات الإغتيالات للمسؤولين الإيرانيين، وبذلك تبدأ الدولة الإيرانية بالإنهيار وتفقد السيطرة على الأوضاع الداخلية.
هكذا كانت التوقعات الأمريكية والصهيونية من سقوط سريع لنظام الثورة الإسلامية في إيران، كانت التوقعات لدى أعداء إيران، الذين خططوا ومولوا وباشروا بالعدوان، مبنية على عدد من الوقائع، ومنها: كثافة القصف العسكري على الأهداف الحيوية في إيران، ودقة الإصابة للقنابل والصواريخ الموجهة نحو الأهداف وقوة تدميرها، وبنك الأهداف، الذي جهز بعناية ووفق معلومات إستخباراتية دقيقة، زودتهم بها عناصر العملاء والخلايا التجسيية من داخل إيران، وجاهزية الخريطة الالكترونية، عبر إختراق أجهزة الموبايل لعدد كبير من قيادات الصف الأول للدولة الإيرانية، من مستوى قائد الثورة الإسلامية الإمام علي الخامنئي، حتى قادة الألوية والكتائب والوحدات العسكرية وعلماء الطاقة الذرية، وغيرهم من قيادات الدولة الإيرانية، كل تلك المخططات كانت جاهزة وتنتظر ساعة الصفر لبدىء التنفيذ، بناء على تلك المخططات، ضمن الأعداء نجاح أهداف العدوان العسكري الشامل على ايران.
لكن كل تلك التوقعات والمخططات تدحرجت وسقطت، في غضون خمسة عشر ساعة من بعد شن العدوان، فتجاوزت القيادة الإيرانية الآثار الصادمة للضربة الأولى، التي نتج عنها إستشهاد عدد كبير من كبار القيادات،فتم تجاوز مرحلة الصدمة، وتم إتخاذ قرارات سريعة وشجاعة، من قبل قائد الثورة الإسلامية في إيران، بتعيين قادة جدد على رأس المؤسسات التي أستهدف الطيران الأمريكي الصهيوني قادتها، وبعد تجاوز مرحلة الصدمة؛ وجهت القيادة الإيرانية أوامرها لقيادة قوات الجو فضائية، التابعة لقوات الحرس الثوري الإيراني، بتوجيه ضربة صاروخية قوية لعدد من الأهداف الصهيونية،
حققت الضربة العسكرية الصاروخية أهدافها بدقة كبيرة، وتجاوزت الصواريخ الإيرانية الحديثة، أحدث منظومات الدافاع الجوي الأمريكية والصهينوية، كانت الضربة العسكرية الإيرانية الأولى، على أهداف حيوية داخل كيان العدو الصهيوني، صادمة وشديدة على كل من؛ الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الصهيوني وأمراء النفط والدولار، في الرياض وأبو ظبي والدوحة، القصف العسكري الإيراني خلط كل الأوراق، وتحولت آثار الصدمة والرعب بشكل عكسي، إلى نفوس أعداء إيران والمتربصين بها، وتحطمت أحلام العدو الصهيوني والأمريكي والخليجي، في القضاء على نظام الثورة الإسلامية في إيران، فزاد النظام الإيراني قوة وتماسكاً، وبدلاً من حلمهم بتفكيك النسيج الإجتماعي للشعب الإيراني إلى قوميات متصارعة، زاد الشعب الإيراني تماسكاً ووحدة وقوة، وبدلاً من أن الأعداء كانوا ينتظرون خروج الخلايا النائمة والخلايا التجسسية، لتقوم بنشر الفوضي في المدن الإيرانية، باغتتهم قوات الأمن والمخابرات الإيرانية، بشن حملة مداهمات وإعتقالات واسعة طالتهم في جحورهم ومخابئهم، تغيرت لهجة التصريحات الأمريكية التصعيدية والإستفزازية ضد إيران، من بعد عملية الضربة العسكرية الأولى، فأنقلبت رأساً على عقب من بعد الرد العسكري الإيراني، وأصدر الرئيس الأمريكي« ترامب»، تصريحات المغرور الواثق من نفسه، والواثق من نجاح مخططات العدوان على الشعب الإيراني، وقال؛ «لقد أنهى القصف العسكري الصهيوني البرنامج النووي الإيراني، ودمر قوات دفاعها الجوي ، وتم القضاء على كبار قادة الجيش الإيراني، والقضاء على عدد كبير من علماء الذرة الإيرانيين، وعلى من تبقى من القادة الإيرانيين إعلان الإستسلام فوراً، وتنفيذ جميع المطالب والشروط الأمريكية، ومنها العودة إلى طاولة المفاوضات من دون قيد أو شرط، وتفكيك وتدمير ترسانتها الصاروخية، وقطع صلاتها بشكل تام مع حلفاءها وأذرعها في المنطقة» نعم بكل تلك البجاحة والتكبر اعلن مجرم الحرب وخادم الصهيونية «ترامب» تلك التصريحات المستفزة والغبية، وكانت الحرب الإعلامية ضد إيران في قمتها، حتى من القنوات الفضائية الخليجية، مثل الجزيرة والعربية وسكاي نيوز، كل تلك التصريحات والحملات الإعلامية، تغيرت نغماتها وتبدلت ألوانها عقب القصف العسكري الإيراني على المواقع الحساسة داخل كيان العدو الصهيوني.
كان القصف العسكري الصاروخي الإيراني الأول–بعد العدوان على إيران–ضد أهداف عسكرية صهيونية حساسة، ونجاح الصواريح في الوصول إلى أهدافها، وتجاوزها لأحدث منظومات الدافاع الجوي الأمريكي والصهيوني، كان ذلك النقطة الفاصلة المركزية، التي قلبت الموازين العسكرية والسياسية لصالح إيران، وهي النقطة التي عندها تحطمت الأحلام الأمريكية والصهيونية والخليجية، في القضاء على الدولة ونظام الثورة الإسلامية في إيران، وتأمين الوجود الصهيوني المحتل في فلسطين لسنوات وعقود قادمة، بعد القضاء على الدولة والثورة التي تهدد وجوده، وتأمين أنظمة النفط والدولار الخليجية، التي تشكل حربة ومعول شر، أمام كل القوى العربية والإسلامية التي تريد التحرر والإنعتاق من الهيمنة الأمريكية والصهيونية، كل ذلك تحطم فجأة.
كانت أهداف العدوان الأمريكي الصهيوني الخليجي ليست حصرية على إيران فحسب، بل كان لها إمتدادات إقليمية ودولية، فكان من ضمن الأهداف؛ إنهاء الوجود المقاوم في كل من العراق ولبنان واليمن، والإنقضاض على المقاومة الإسلامية الفلسطينية في غزة بعد نهاية العدوان على إيران مباشرة، والتوجه بالعدوان والحصار، إلى القوة المقاومة الأخيرة وهي مقاومة أنصار الله في اليمن، ولعلى الأنظمة السعودية والإماراتية والقطريةكانت تترقب تلك اللحظات بفارغ الصبر، وهم مستعدون لتقديم ترليونات الدولارات الإضافية إلى الرئيس الأمريكي «ترامب»، ليزيح عنهم الكابوس الذي يشكله عليهم أنصار الله في اليمن، وليتحقق الحلم الأمريكي والصهيوني والخليجي بخلق شرق أوسط جديد، خالي من أي تواجد أو نفوذ لإيران وأتباعها كما يدعون، شرق أوسط جديد تتمدد فيه الدولة اليهودية الصهيونية إلى مابعد النيل والفرات، حتى تصل إلى آبار النفط في الخليج، وإلى مقدسات المسلمين في مكة المكرمة والمدينة المنورة بالحجاز.
خابت كل تلك الأحلام الوردية وتحطمت على رؤوس الصاوريخ الإيرانية، التي دمرت منشاءات العدو وحولت مدنه إلى أنقاض وخراب، ومن اليوم الثالث من بدىء العدوان على إيران، بدأ رئيس الحكومة الصهيونية المجرم «ناتن ياهو» بطلب النجدة من الإدارة الأمريكية، لإخراج حكومته وجيشه من الورطة التي وقعوا فيها، بعد عدوانهم الغاشم على إيران، وحفظ ماء وجهه بعدما بدأ المستوطنون الصهاينة، بشد الرحال في هجرات معاكسة، عبر البر والبحر إلى البلدان الأوروبية، وضاق المستوطنون الصهاينة ذرعاًوهم كل ساعة يهرعون إلى الملاجىء، بفعل الضربات الصاروخية الإيرانية.
من نتائج فشل العدوان الأمريكي والصهيوني على إيران، فشل مخطط القضاء على قوى محور المقاومة في العراق ولبنان واليمن، وتلاشى نشوة الإنتصارات الأمريكية والصهيونية والخليجية، التي أحسوا بها وعايشوها وإستثمروا نتائجها، لصالح المشاريع الأمريكية والصهيونية عقب سقوط النظام السوري، ومن النتائج عودة الحيوية إلى مقاومة حزب الله، وتعزيز صمود موقف قوى المقاومة الإسلامية الفلسطينية في غزة، وما تصلب الموقف المفاوض للمقاومة الإسلامية الفلسطينية، في وجه أمريكا وكيان العدو الصهيوني، في مفاوضات الدوحة، إلا نتيجة من نتائج هزيمة أمريكا وكيان العدو، وفشل عدوانهم على إيران، ومن النتائج تراجع النشوة والفرح «السعودي والإماراتي والقطري» وتقزمهم مرة أخرى أمام القوة الإيرانية،
من أهم النتائج؛ أن إنتصار إيران في حرب ال 12 يوماً، وهزيمة التحالف الأمريكي والصهيوني والخليجي، قد كسر حالة النشوة والفرح والإنتصار الذي أحس به أعداء إيران، بعد سقوط النظام السوري، فلم يعد ممكناً نزع سلاح حزب الله بعد إنتصار إيران، كما كان ممكناً قبل العدوان عليها، ولم يتحقق الحلم السعودي والإماراتي والقطري بالقضاء على أنصار الله في اليمن.
الإنتصار الأمريكي والصهيوني والخليجي على إيران لو تحقق، سوف يترتب عليه؛ إنهاءالقضية الفلسطينية، وإنهاء الوجود المقاوم في المنطقة، وبناء شرق أوسط أمريكي صهيوني جديد، كل ذلك تبدد وتحطم وفشل، والفضل بعد الله سبحانه وتعالى، يعود إلى حكمة القيادة الإيرانيةالتي تجاوزت المؤامرات، ووجهت الضربات الحيدرية في نحور الأمريكان والصهاينة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار