الرئيسيةالمقالات

خور عبد الله: مسؤولية الحدود بين التاريخ والقانون والسياسة

خور عبد الله: مسؤولية الحدود بين التاريخ والقانون والسياسة

(26 تموز 2025)

بقلم/عدنان صگر الخليفه

تظل قضية خور عبد الله والحدود البحرية العراقية-الكويتية اختباراً قاسياً لسيادة العراق ومحوراً لجدل وطني عميق. العراق يمتلك تاريخياً ووفقاً للخرائط والمعاهدات القديمة أحقية كاملة بخور عبد الله وحدوده مع الكويت عند المطلاع.
إن أحداث عام 1990، من منظور وطني، كانت ردة فعل عراقية على اعتداءات متكررة وسرقة لمقدرات الشعب عبر سحب النفط من آبار حدودية، ورفض الكويت إرجاع الحقوق. لم تكن تلك الأحداث غزواً أو احتلالاً، بل استجابة لدوافع تراكمت من الشعور بالظلم. ورغم صدور قرار مجلس الأمن الدولي 833 لسنة 1993 بفرض ترسيم الحدود، فإنه من اللافت للنظر أن الكويت لم تطالب فعلياً أو تستحوذ على أي شبر من الأراضي العراقية أو خور عبد الله خلال فترة نظام صدام حسين، مما يشير إلى عدم وجود مطالبة سابقة لديها.
لكن الوضع انقلب بعد عام 2003. فالحكومات العراقية المتعاقبة، في سعيها للاندماج الدولي، قامت بتوقيع اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله عام 2012، وصُدّقت في البرلمان عام 2013. هنا تكمن الكارثة من وجهة نظر وطنية: هذه الحكومات هي من منحت الكويت الأحقية الفعلية وسلّمت حقوقاً لم تكن الكويت لتطالب بها سابقاً، بل ويُتهم البعض بأن هذا تم عبر تواطؤ أو حتى “رشاوى” أدت إلى التفريط بسيادة العراق.
قرار المحكمة الاتحادية العليا عام 2023 الذي ألغى دستورية تصديق اتفاقية 2013 لعدم حصولها على أغلبية الثلثين المطلوبة، وضع المسؤولية الكاملة والمباشرة حالياً على عاتق البرلمان العراقي. لا عذر لأي نائب بالتهرب أو التغيب؛ فأي مماطلة أو محاولة لإعادة الملف لجهة أخرى، سيُفسّر على أنه خيانة للثقة وتملص من المسؤولية الوطنية والدستورية.
يجب على البرلمان عقد جلسة علنية وشفافة، يحضرها جميع النواب، تُعرض فيها جميع الأدلة والخرائط والدفوعات التي يمتلكها الخبراء الوطنيون، وتُتاح فيها مناظرة حقيقية أمام الشعب. هذه الجلسة هي المحك الذي سيكشف مواقف النواب والكتل السياسية بوضوح. وإن لم يفعلوا ذلك طواعية، فمن واجب الشعب العراقي والجهات المعارضة والخبراء نشر أسماء المتغيبين ومن يصوتون ضد مصلحة العراق، لكي يتمكن الناخب من محاسبتهم في الانتخابات القادمة. وإن لم يقم النواب المعارضون والخبراء الوطنيون بواجبهم في الكشف العلني عن أسماء الكتل والنواب الذين يصرون على منح حقوق العراق إلى الكويت، فإن هذا سيكون دليلاً على أن عملهم مجرد عمل إعلامي وليس عملاً حقيقياً ومخلصاً لمصلحة العراق. ففي هذه اللحظة الحاسمة، يُحدد مصير السيادة العراقية، والوطنية تُقاس بالموقف الشجاع والشفافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار