الرئيسيةالمقالات

سفك الدماء… ليُرغِموك على الانبطاح

سفك الدماء… ليُرغِموك على الانبطاح

غنى شريف

‎لم يعد من الصعب ملاحظة الحقيقة المرّة: دم المسلم بات الأرخص في ميزان هذا العالم. من غزة المحاصرة إلى سوريا المنكوبة ، ومن لبنان المتروك لمصيره ،
‎العالم و من يدّعي تمثيله، بات يشرعن القتل، يغطيه ويشارك في صناعته. الولايات المتحدة الأميركية التي نصّبت نفسها “شرطي العالم” تحوّلت إلى آلة قتل لا ترحم طفلاً ولا تحقن دماً.
سياسة ترامب التي أفرزت حلف التطبيع والتدمير، ونتنياهو الذي يتقن الخداع والكذب، هما وجهان لعملة واحدة: مشروع إبادة مغلف بالكلام المعسول.
‎قالوها مرارًا: “نحن مع السلام”، بينما يزرعون البارود في صدور الأطفال ، وعدوا روسيا بالتهدئة، وها هم اليوم يصوّبون مدافعهم على بوتين بعد أن استُدرج إلى مستنقع دولي نُسج بخيوط الخداع الأميركي.
‎فأوصَوا بالحوار مع إيران، وإذ بهجوم تقوده أميركا و”إسرائيل” و ما وُصف تهدئة كان فخاً، وما قُدّم كضمانات كان تمويهاً لضرب طهران من الداخل والخارج.
‎سوريا لم تكن يوماً ساحةً خلفية، بل كانت القنطرة التي عبرت منها العروبة إلى كل بيت وإلى كل جبهة. من دمشق انطلقت أولى طلقات المقاومة، وبها تكتمل معادلة الصمود. هذه البلاد التي أرادوها جرحاً نازفاً، ستبقى قلب العروبة النابض رغم كل الطعنات.”
— الرئيس نبيه بري
‎أما في سوريا، البلد الذي صمد رغم حرب كونية، نرى اليوم السيناريو يتكرر: خنق، حصار، وتجويع… بأدوات متعددة ورايات مزيفة. لكن الأخطر، هو ما خُطط له بدمٍ بارد تحت مسمى “الثورات”، بينما الهدف الحقيقي كان تفكيك النسيج الوطني والمجتمعي.
‎ولعل من أبرز معالم خطة أميركا في حربها على المسلمين ، ما جرى ويجري من ذبح للعلويين والدروز، ليس فقط كاستهداف طائفي، بل كمكوّنات متجذّرة في قلب الهوية الوطنية لسوريا ولبنان. هذا الذبح الممنهج ليس عشوائيًا، بل هو جزء من مشروع تفتيت، تُمارسه أميركا وأدواتها، لضرب كل ما يشكّل توازناً وطنياً أو عمقاً استراتيجياً للمقاومة.
‎فالعلويون الذين شكّلوا عماد الصمود في سوريا، والدروز الذين وقفوا بوجه مشاريع التقسيم، هم اليوم أهداف مباشرة في خطة أميركية تقضي باقتلاع كل من يرفض الخضوع، أو يملك إرادة الدفاع عن الأرض . إنها ليست حرب طوائف، بل حرب على الطوائف التي لا تنبطح، والتي بقيت خارج بيت الطاعة الأميركي.
‎أما في فلسطين ، غزة تُدمّر فوق رؤوس أهلها،
كل هذا لا يمكن عزله عن مشروع أكبر: تقسيم المنطقة وتطويعها ، عبر إغراق شعوبها بالدم، وتشويه وعيها باليأس، وإقناعها بأن لا مفرّ من الانبطاح.
‎لكن يبقى السؤال:
هل كُتب على المسلمين وحدهم أن يكونوا وقوداً لمشاريع الكبار؟
وهل علينا أن نقبل أن تتحوّل قضايانا إلى سلعة في بازار السياسات الدولية؟
‎الجواب ليس في أروقة الأمم المتحدة، ولا في بيانات الشجب التي لا تُسمن ولا تُغني.
الجواب في وعي الشعوب، وصمودها، ومقاومتها… في الكلمة، في البندقية، في الموقف.
فمن لا يرفض الذل، سيعيش فيه،
ومن لا يدافع عن نفسه، لن يجد من يدافع عنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار