أخر الأخبارالرئيسية

في طريقه إلى الذبح… كان يرى…

في طريقه إلى الذبح… كان يرى…

علاء الطائي

وقفَ الحسينُ على الترابِ الأخير
خطوةً تفصل بين قلبه والسماء…
لم يكن يتلفّت فكلُّ الجهاتِ كانت كربلاء.
وكلّ العيونِ كانت سهامًا
إلا عينينِ فقط…
رفعهما إلى العرش وقال:
أشهدْ يا ربّ هذا الطُهر كيف يُسفك
وهذا القلب كيف يُذبحُ لا جزعًا بل شوقًا إليك.
كان يمشي لا كما يمشي المذبوح
بل كما يصعدُ النورُ إلى مسكنه.
يداهُ تقطرُ بهما دمُ الأكفِّ المقطوعة
وفي صدره نحيبُ الأطفالِ بلا ماء
وصدى الأنفاسِ الأخيرةِ لجسدٍ يُجزّ
ورأسٍ يعلو رمحًا في عرض الطريق!
رأى كلّ شيءٍ قبل أن يقع
الخيولَ تُداسُ بها الضلوع
والأجسادَ الطاهرةَ تتبعثرُ على الرمالِ
كأنّها آياتُ قرآنٍ مُمزَّقة.
رأى زينبَ… لا تبكيه بل تُقيمُ المنبرَ من الرماد
رأى السبايا والخيمَ تشتعل
ورأى عبيدَ الدينِ وسلاطينَ الجورِ
يُصَلّون فوقَ جماجمِ الأحرار
ويستبيحون باسم الله لحمَ أولياءه!
كان يعلم… لكنه لم يتراجع.
لأنه أراد لهذه اللحظة
أن تشهدها السماءُ والتاريخُ
أن يُقال هنا دَمٌ لم يُساوِم
وهنا روحٌ أبتْ أن تنحني!
أيُّ بشرٍ هؤلاء؟
الذين سَحلوا الأجسادَ وكسروا القلوب؟
أيُّ لعنةٍ تلك التي جرت من السهمِ الأول
إلى سكين داعش؟
من حقد يزيد إلى صمتِ أنظمةِ اليوم؟
من نارِ كربلاء إلى رمادِ الموصل
دمٌ واحد وظلمٌ واحد
ونطفةٌ خبيثةٌ لم تقطع سُلالتَها بعد!
لكن…
هل اقتلعوا روحَ الحسين؟
كلا.
هي في كلّ عامٍ تُولد
وفي كلّ قلبٍ حرٍّ تسكن.
وفي كلّ صيحةٍ “لبّيك يا حسين”
تَكبر وتَزأر وتُربك طغاة الأرض!
غدًا…
حتى لو قطعوا الأرجل واليدين
نأتيك زحفًا
يا سيّد الثائرين.
وكل عام والحسين في قلوبنا… لا يُذبح.
وكل عاشوراء نحن على طريقه… وإن طال الطريق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار