افتحوا الأبواب امام تحديث بطاقة الناخب
د. ضياء واجد المهندس
في الوقت الذي يترقب فيه العراقيون انتخابات برلمانية جديدة يُعوّل عليها لإحداث تغيير حقيقي في المشهد السياسي، تبرز قضية جوهرية قد تقوض هذا الاستحقاق من أساسه: ملف تسجيل الناخبين وتحديث بياناتهم، الذي لم يأخذ حتى الآن حقه من التوعية، ولا الوقت الكافي للوصول إلى الجميع، خاصة في المناطق النائية والمهمشة، وفي أوساط الشباب والفئات الجديدة التي تدخل العملية الانتخابية لأول مرة.
مفوضية الانتخابات أعلنت جداول زمنية صارمة، لكن واقع الحال يشير إلى أن هذه الجداول لا تتناسب مع الإقبال الحقيقي، ولا مع مستوى الوعي العام بضرورة التحديث. فالكثير من المواطنين، خاصة في المحافظات الجنوبية والريفية، لم تُتح لهم الفرصة الكاملة لتحديث بياناتهم أو تسلُّم بطاقاتهم الانتخابية، وهناك فئات واسعة لم تُدرج أسماؤهم في السجلات بشكل صحيح، وبعضهم يواجه مشكلات فنية تعيق مشاركته.
في المقابل، تسير الدعاية الانتخابية وسباق التحالفات بسرعة، بينما ملايين العراقيين لم يُحسم بعد حقهم في التصويت، بسبب فترة زمنية غير كافية وغياب واضح لحملات التوعية المجتمعية.
الانتخابات ليست مجرد حدث شكلي، بل عملية ديمقراطية تستمد مشروعيتها من حجم المشاركة الشعبية. وما لم تضمن المفوضية وصول جميع العراقيين المؤهلين إلى صناديق الاقتراع، من خلال تمديد فترة تسجيل وتحديث بيانات الناخبين، فإن النتائج ستكون ناقصة، وستفتح الباب واسعًا للطعون والتشكيك، وربما العزوف الشعبي الذي نعرف مخاطره سلفًا.
ندعو مفوضية الانتخابات –من باب الحرص على نزاهة العملية لا التشكيك بها– إلى تمديد فترة التسجيل وتحديث بيانات الناخبين، ولو لأسبوعين إضافيين، وإطلاق حملة إعلامية استثنائية تُركّز على المناطق الفقيرة والبعيدة، لا على المدن فقط. فالعدالة الانتخابية تبدأ من إتاحة الفرصة للجميع، لا من تضييق المدد الزمنية دون مراعاة للواقع.
باختصار، الديمقراطية لا تُقاس فقط بنزاهة الصندوق، بل تبدأ من لحظة فتح الباب أمام المواطن ليكون ناخبًا كامل الحقوق. وأي تقصير في هذه الخطوة سيكون ثمنه كبيرًا على الجميع.
زر الذهاب إلى الأعلى