ما وراء اتصال بوتن وترمب تمهيد لحل الأزمة الأوكرانية وتأثيرات الديناميات الإقليمية على لبنان وموقف مصر من الوساطة
فتحي الذاري
في ظل المشهد السياسي العالمي المعقد والمترابط، يظل الاتصال بين قادة الدول الكبرى مثل فلاديمير بوتن ودونالد ترمب من الأحداث ذات الأبعاد الاستراتيجية والرمزية، خاصة إذا استُخدم كوسيلة لتهيئة الأجواء للحوار والتسوية في قضايا خلافية كالأزمة الأوكرانية. تأتي هنا أهمية فهم ما وراء مثل هذا الاتصال، وتأثيراته على المسرح الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى التحولات التي تطرأ على الدور المصري في المنطقة، خاصة في سياق السياسة اللبنانية، وتنفيذ القرار 1701، وتراجع الوساطة المصرية في غزة، وما يظهره ذلك من آثار على حزب الله والموازنات الإقليمية.ياتي الاتصال بين الرئيسين الروسي والأمريكي عادةً ما يترتب عليه تبعات استراتيجية هامة، ويتعلق بموقف الدولتين من الأزمات الإقليمية والدولية، خاصة إذا كان في سياق ارتفاع التوترات على الحدود الأوروبية والشرق الأوسط. ويُنظر إلى مثل هذا الاتصال كإشارة على رغبة غير معلنة لتخفيف التصعيد وإيجاد مساحة للحوار. وإرسال إشارات للداخل والخارج:لتقليل التوترات العالمية، وإظهار قدر من المرونة يتيح استئناف المفاوضات الجدية حول قضية أوكرانيا. ربما يُعقد لقاءات على مستوى وزاري أو دولي موسع يتخذ من هذا التواصل مدخلًا للتسوية النهائية أو التفاهمات النامية حول الملف الأوكراني، خاصة مع الجهود الدولية لوقف التصعيد.
قد يكون الهدف أيضًا استعمال مثل هذه الاتصالات لضبط الصراعات المحتملة أو إعادة توجيه المسارات بشكل يحقق مصالح الأطراف المعنية، مع إعطاء سياسة الأمر الواقع فرصة لتمهيد حلول مقبولة.لكن، في الوقت ذاته، تبقى رهانات الحلول طويلة الأمد محفوفة بالمخاطر، خاصة مع تعقيدات الصراع الذي تعيشه أوكرانيا، وارتباطات القوى الكبرى وتوازناتها.اما بالسبةلالدور المصري في السياسة اللبنانية، وتنفيذ القرار 1701، وتراجع الوساطة في غزةلطالما لعبت مصر دورًا مهمًا، خاصة عبر جهود الوساطة والإسهام في استقرار لبنان، بلد التنوع والتاريخ المليء بالتحديات السياسية والأمنية. مصر كانت من أكثر الدول العربية دعمًا للاستقرار اللبناني، حيث لعبت دور الوسيط بين مختلف القوى السياسية، وساهمت في تقريب وجهات النظر لتفادي الانزلاق في صراعات داخلية، خاصة خلال فترات التوتر.
في السنوات الأخيرة، تراجع الدور المصري في السياسة اللبنانية، مع التغيرات الإقليمية والدولية، وتغيّر أولويات القاهرة التي أصبحت تركز على ملفات أخرى مثل الأزمة الليبية، والأوضاع في غزة، والتحديات الأمنية الداخلية. تنفيذالقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 2006، كان بمثابة خريطة طريق لوقف الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله، وضمان استقرار المنطقة الحدودية. مصر، كدولة ذات وزن إقليمي، لم تكن دائمًا في طليعة تنفيذ هذا القرار، وإنما كانت تساند الموقف العربي والدولي، مع توجهات لتعزيز الاستقرار في لبنان.شبه تغيب الدور المصري في تنفيذ القرار مؤخراً، يرجع لأسباب عديدة، منها تراجع التأثير العربي، وتحول الاهتمام الإقليمي والدولي إلى ملفات أكثر إلحاحًا، مما أدى إلى تباعد الموقف المصري عن لعب دور مباشر في الملف اللبناني. تلاشي الوساطة المصرية في غزة وتأثير ذلك على حزب الله حيث أن موقف مصر من الوساطة في غزة شهد تراجعًا ملحوظًا، خاصة مع التصعيد كيان الاحتلال الإسرائيلي المستمر، وظهور قوى إقليمية أخرى كتركيا وقطر كمبادرات بديلة. هذا التغير يقلل من الوسيط العربي القوي، ويؤدي إلى تأثيرات مباشرة على توازنات القوى في المنطقة.
بالنسبة لحزب الله، الذي يعتبر جزءًا من منظومة المقاومة في لبنان، فإن تراجع الدور المصري قد ينعكس على قدرته على إدارة علاقاته مع المحيط العربي، خاصة مع المخاوف من تهميش الدور العربي والإقليمي في ملفات الاستقرار في لبنان والمنطقة، وهذا قد يضعف من تماسك الحزب
زر الذهاب إلى الأعلى