خور عبدالله .. هل تتراجع العدالة أمام الإصرار الحكومي؟
بقلم/عدنان صگر الخليفه
ظل ملف خور عبد الله لسنوات جرحًا وطنيًا عميقًا، حيث يراه الكثيرون تنازلًا غير مبرر عن ممر مائي استراتيجي. ومع تصاعد المطالبات بالإلغاء، يصبح تتبع المسؤولية أمرًا حتميًا، خاصة بعد قرار قضائي تاريخي.
في 2012، وُقعت الاتفاقية من قبل وزيري النقل (العامري) والخارجية (زيباري) تحت مظلة حكومة المالكي. وفي 2013، صادق عليها البرلمان. لكن نقطة التحول جاءت في 2023، حين قضت المحكمة الاتحادية العليا ببطلان إجراءات المصادقة، معلنة عدم إلزاميتها للعراق لوجود خلل قانوني جوهري.
يأتي هذا القرار في سياق اعتراف مسؤولين كبار بفساد مستشر، يهدد الدولة. تصريحات المالكي والمشهداني والأديب وغيرهم، لوّحت بملفات قادرة على إسقاط النظام. فهل كانت اتفاقية خور عبد الله بمنأى عن هذه الشكوك؟
هنا يبرز السؤال الأهم: لماذا لم يبادر القضاء، الذي أكد بطلان إقرار اتفاقية يعتبرها الكثيرون تفريطًا بالسيادة والمقدرات، إلى استدعاء ومساءلة المسؤولين الذين وقعوا عليها وأحالوها للبرلمان، ومن ثم المصوتين عليها؟
إن إعلان بطلان الإجراءات يستدعي تحقيقًا شاملًا لتحديد المسؤوليات عن “البيع” الصامت لحقوق العراق. إن عدم استدعاء رئيس الوزراء ووزيري النقل والخارجية في حكومة 2012، وأعضاء برلمان 2013، يثير شكوكًا حول جدية القضاء في تطبيق القانون على الجميع.
إن التردد في إيداع قرار المحكمة في الأمم المتحدة يزيد هذه الشكوك، حيث يرى البعض محاولة للتراجع عن القرار لحماية المتورطين النافذين. ومما يزيد من تعقيد المشهد، مطالبة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني ورئيس الجمهورية بإعادة النظر في قرار المحكمة الاتحادية العليا الذي قضى ببطلان إجراءات المصادقة على الاتفاقية. هذه المطالبة تثير تساؤلات جدية حول دوافع الحكومة الحالية، خاصة وأن القرار القضائي يفتح الباب أمام محاسبة المسؤولين عن إبرام هذه الاتفاقية التي يصفها الكثيرون بالتفريط بالسيادة الوطنية. هل تسعى الحكومة إلى حماية المتورطين في هذا الملف؟ أم أن هناك اعتبارات أخرى تدفعها إلى إعادة النظر في قرار القضاء؟
محاسبة المسؤولين عن أي قرار يضر بمصالح العراق ضرورة لاستعادة ثقة الشعب. إن السكوت عن محاسبة المتورطين في اتفاقية وصفها القضاء بالبطلان يرسل رسالة مقلقة. إن العدالة المتأخرة ليست عدالة، والمطالبة بكشف الحقائق ومحاسبة المسؤولين عن “بيع” خور عبد الله تبقى حقًا مشروعًا للشعب العراقي.
زر الذهاب إلى الأعلى