المقالات

العراق: لعبة الكراسي الموسيقية أم تغيير حقيقي؟ صراعات إقليمية ودولية تكشف زيف الإصلاح ودور المعارضة الغائب

العراق: لعبة الكراسي الموسيقية أم تغيير حقيقي؟ صراعات إقليمية ودولية تكشف زيف الإصلاح ودور المعارضة الغائب

عدنان صگر الخليفه
تجمع اهل العراق

يشهد الشرق الأوسط تصعيدات متلاحقة تنذر بمرحلة جديدة من عدم الاستقرار، وتضع العراق في قلب عاصفة إقليمية ودولية متداخلة. فمن البحر الأحمر إلى غزة، تتشابك الصراعات وتتداخل المصالح، مما يثير تساؤلات حول مستقبل العراق، وهل نحن على أعتاب إعادة رسم للخرائط؟
هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر دفعت الولايات المتحدة وحلفاءها إلى التدخل العسكري، محولة المنطقة إلى ساحة صراع دولي، وهذا التصعيد له تأثيرات اقتصادية عالمية، حيث يؤثر على حركة التجارة الدولية، ويزيد من تكاليف الشحن. وفي الوقت نفسه، تتصاعد الدعوات إلى تقسيم العراق، في ظل خلافات سياسية عميقة وتدخلات خارجية متزايدة، فالوضع العراقي يتأثر بشكل مباشر بالصراع الأمريكي الإيراني، مما يزيد من تعقيد المشهد، وتضاف إلى ذلك جولة جديدة من التصعيد في غزة، حيث يؤدي إنهاء وقف إطلاق النار وعودة العمليات العسكرية إلى زيادة حالة عدم الاستقرار في المنطقة، وهذا التصعيد يؤثر بشكل مباشر على الرأي العام في الدول العربية، بما في ذلك العراق، ويزيد من الضغوط على الحكومات لاتخاذ مواقف أكثر حزماً.
العراق، الذي يقع في قلب هذه المنطقة الملتهبة، يواجه تحديات أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة. فالتصعيد العسكري في المنطقة، بما في ذلك البحر الأحمر، يزيد من التوترات الداخلية، ويشجع الجماعات المسلحة على تنفيذ عمليات إرهابية، أما الصراع الأمريكي الإيراني، فالعراق هو ساحة محتملة لصراع بالوكالة بين البلدين، وأي تصعيد بينهما يؤدي إلى زيادة العنف واستئناف الصراعات الطائفية، وفي الوقت نفسه، يزيد الوضع الإقليمي المتوتر من حدة الانقسامات السياسية الداخلية، ويشجع على التدخلات الخارجية في الشؤون العراقية، وقد تستغل القوى السياسية المتنافسة هذه التوترات لتعزيز مصالحها، مما يعيق أي عملية إصلاح سياسي، وتضعف التحالفات القديمة، وتظهر تحالفات جديدة، مما يؤدي إلى تغييرات جذرية في المشهد السياسي العراقي.
اقتصادياً، يؤدي أي تصعيد في المنطقة إلى ارتفاع أسعار النفط، مما يؤثر على الاقتصاد العراقي، الذي يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، كما يعيق الوضع الإقليمي المتوتر التجارة والاستثمار، ويتردد المستثمرون الأجانب في الاستثمار في بلد غير مستقر، وأما إنسانياً، يؤدي أي تصعيد عسكري إلى تفاقم الوضع الإنساني، ويزيد عدد النازحين واللاجئين، وتتدهور الخدمات العامة، وتزداد التوترات الطائفية، وتستغل الجماعات المتطرفة هذه التوترات لتجنيد المزيد من المقاتلين، ويزيد شعور العراقيين بالقلق وعدم الأمان، مما قد يؤدي إلى زيادة الهجرة من البلاد.
لكن، وسط كل هذه التحديات، يبرز سؤال جوهري: هل هناك إرادة حقيقية للتغيير لدى الفئة السياسية العراقية؟ الواقع يشير إلى أن العملية السياسية في العراق غالباً ما تتسم بالجمود والخلافات العميقة، وأن هناك ميلاً لدى بعض الأطراف للحفاظ على الوضع الراهن، بدلاً من السعي إلى تغييرات جذرية. تتهم الأطراف السياسية بعضها البعض بالتلاعب بالحقائق وتشويهها، بهدف خدمة مصالحها الخاصة، مما يساهم في تضليل الرأي العام، ويعيق أي محاولة لإجراء نقاشات بناءة حول القضايا التي تهم العراق.
وفي هذا السياق، يبرز دور المعارضة كقوة محورية في لم شمل العراقيين وتوحيد كلمتهم. فالمعارضة، إذا ما تمكنت من تجاوز انقساماتها وتقديم رؤية موحدة وشاملة، يمكن أن تصبح صوتًا قويًا للشعب العراقي، ومحركًا للتغيير المنشود. لكن، تحقيق هذا الدور يتطلب من المعارضة تجاوز التحديات التي تواجهها، والتي تشمل: توحيد الصفوف، وتقديم رؤية واضحة، والتواصل مع الشعب، والعمل على استقطاب العراقيين في الخارج.
التدخلات الخارجية تلعب دوراً كبيراً في المشهد السياسي العراقي، وقد تؤثر على قدرة الأطراف العراقية على اتخاذ قرارات مستقلة. وهناك مخاوف من أن بعض الأطراف السياسية العراقية تعمل على خدمة مصالح خارجية، بدلاً من خدمة مصالح الشعب العراقي. التغيير الحقيقي في العراق يتطلب إرادة سياسية قوية، وتوافقاً وطنياً واسعاً، ومشاركة فعالة من جميع مكونات الشعب العراقي، وهذه الشروط غالباً ما تكون غير متوفرة، مما يجعل تحقيق التغيير أمراً صعباً للغاية.
العراق أمام مفترق طرق، والخيارات المتاحة ليست سهلة، فالحوار السياسي والتعاون الدولي هما السبيل الوحيد لتجنب الأسوأ، وتحقيق الاستقرار والتنمية. ومستقبل العراق يعتمد على قدرة القوى السياسية على تجاوز الخلافات، والتوصل إلى توافقات وطنية، فالحوار السياسي الشامل هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتنمية، ومن الضروري جداً أن تكون هناك إرادة حقيقية للتغيير من قبل القوى السياسية في العراق، وإلا فإن العراق سيظل يدور في حلقة مفرغة من الصراعات والأزمات، في ظل غياب دور المعارضة الفعال.

عدنان صگر الخليفه
تجمع اهل العراق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار