الإرهاب المتحول.. قراءة في تكتيكات داعش الجديدة
صباح زنكنة
في ظل تصاعد التهديدات الأمنية التي تجسدها الجماعات المتطرفة يبدو جليا أن تنظيـ،ـم داعـ،ـش يعيد رسم استراتيجياته مستفيدًا من التغيرات الجيوسياسية في المنطقة والتحولات المفاجئة .
فالتنظيـ،ـم الذي تبنّى تكتيكات “كسر أسوار السجون” لاستعادة مقاتليه الشرسين وقياداته ، يتجه اليوم نحو استغلال النزاعات الداخلية في سوريا، خاصة بين الأطراف المتنازعة في الشمال والمركز لتحقيق أهدافه التوسعية تحد شعار باقية وتتمدد !.
وتعتمد هذه الاستراتيجية على إعادة التمركز ضمن المناطق الرخوة حيث توفر الصراعات القائمة بيئة خصبة لنمو التنظيـ،ـم مجددا .
فبينما تراقب أنقرة تحركات “قسـ.ـد”، وتنشغل القوى الدولية بملفات أخرى، يترقب التنظيـ،ـم اللحظة المناسبة للانقضاض، مستغلًا بذلك التقاطعات الدولية والتوترات الطائفيـ.ـة لتحقيق مكاسب ملموسة على الأرض.
من جانب آخر، يبدو أن التنظيـ،ـم لا يزال يحتفظ بأدواته الإعلامية الفعالة من بينها وسائل العمليات النفسية ، إذ يعتمد على الدعاية الحماسية والخطاب العقائدي المؤثر لإستقطاب الأفراد من البيئات المحرومة والفقيرة وهذه الأدوات لم تعد مقتصرة على الدول العربية، بل امتدت إلى مجتمعات متعددة الأعراق، مثل أوروبا وأفريقيا واسيا ، مما يشير إلى تطور ملحوظ في تكتيكات التجنيد الإلكتروني والميداني المستحدث.
ومع تزايد الضغوط الأمنية في العراق وسوريا، يحاول التنظيـ،ـم إعادة تشكيل خلاياه في مناطق جديدة اخرى مثل أفغانستان والقوقاز وأفريقيا حيث الظروف ملائمة لنشاطه، كما أن تسلل مقاتليه عبر الحدود من تركيا إلى سوريا باستخدام هويات مزورة يعزز فرضية التحضير لهجوم كبير ومنسق على السجون، والهدف تحرير قادته المعتقليـ،ـن وإعادة تنشيط شبكاته الإرهابية، حتى مع العملية النوعية للحشـ،ـد الشعبـ،ـي عندما اسقاط هيكلية ما يعرف بـ ” هيئة فكاك الاسرى”.
الحكومة العراقية تحركت بشكل استباقي لاحتواء المخاطر، من خلال تسريع عمليات استلام عوائل مخيم”الهول” واستقبال المعتقلين العراقيين المحتجزين لدى “قسد”، في محاولة لسد الثغرات الأمنية المحتملة، وبرغم هذه الإجراءات المهمة لا تزال التحديات قائمة وبخاصة مع التحذيرات الدولية التي تشير بقلق بالغ إلى أن معظم التهديـ،ـدات القادمة للعراق مصدرها الأراضي السورية.
الخطر لم ينتهِ لكنه تغير شكله وأدواته، لأن التنظيـ،ـم الذي فقد قدرته على السيطرة الميدانية الكاملة، بات يراهن على استنزاف خصومه عبر حروب العصابات وضرب الاستقرار الأمني.
لذا فإن مواجهة هذه الاستراتيجية تتطلب ليس فقط الحلول العسكرية ، بل معالجة الأسباب العميقة التي تغذي الإرهاب مثل الفقر والتهميش والصراعات السياسية المستمرة وتداعيتها الخطيرة مستقبلا .
زر الذهاب إلى الأعلى